
في قمة بغداد الرابعة والثلاثين، وقف الرئيس الدكتور رشاد العليمي متحدثًا بصوت كل يمني أُرهق من الحرب والدمار والانقلاب، وأطلق من منصة القمة العربية دعوة صريحة لا لبس فيها: تصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية.
لم تكن هذه الدعوة مجرد موقف سياسي عابر، بل امتداد طبيعي لسلسلة من الخطوات القانونية والحقوقية والقرارات المحلية والدولية التي تثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الحوثيين جماعة إرهابية منظمة، تمارس العنف، وتقوض الأمن، وتخضع لأجندة إيرانية تدمّر اليمن والمنطقة.
تاريخ من التصنيفات والإدانات
• الحكومة اليمنية صنفت الحوثيين جماعة إرهابية رسميًا بموجب قرار مجلس الدفاع الوطني رقم 1 لسنة 2022، بتاريخ 22 أكتوبر، استنادًا إلى القانون الوطني والاتفاقيات الدولية، بعد قصفهم الموانئ النفطية ومطار عدن، وحصارهم الإجرامي لتعز، وارتكابهم لجرائم ضد الإنسانية.
• مجلس الأمن الدولي وصّف أفعال الحوثيين بالإرهابية في قراره رقم 2624 (28 فبراير 2022) بعد استهدافهم للأعيان المدنية والموانئ في اليمن والسعودية، وأعاد التأكيد في قراره 2722 (10 يناير 2024) الذي أجاز استخدام القوة لإعادة أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر، بعد قرصنة الحوثيين للسفن التجارية.
• البرلمان العربي سبق أن أصدر قرارًا في 19 يونيو 2019 يصنف الحوثيين كجماعة إرهابية، ودعا الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى الاعتراف بذلك رسميًا.
• كما صنّفت الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب الحوثيين كجماعة إرهابية في دورتها 39 بتونس (2 مارس 2022)، وأدرجتهم ضمن القائمة السوداء للمنظمات الممولة والمنفذة للإرهاب.
• وعلى الصعيد الدولي، صنّفت الولايات المتحدة الأمريكية الحوثيين كمنظمة إرهابية في يناير 2021، وأعادت تصنيفهم مجددًا في يناير 2025 بعد تزايد تهديدهم للملاحة الدولية وجرائمهم ضد المدنيين.
رسالة الرئيس العليمي: لا أمن لليمن ولا استقرار للمنطقة دون كسر الحوثي
الرئيس العليمي في كلمته قدّم تشخيصًا دقيقًا لطبيعة المعركة: ليست فقط مع جماعة خارجة عن القانون، بل مع ذراع إيراني يهدد هوية اليمن، وأمن الجزيرة والخليج، والممرات الدولية.
قالها بوضوح: الحوثي ليس جماعة يمنية تبحث عن حقوق..بل تنظيم طائفي إرهابي، ينتهك القانون الدولي، ويخطف الدولة، ويحولها إلى منصة عدائية تعمل ضمن مصالح الدولة الفارسية..
مطالبته للقادة العرب بتبني تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية ليست صرخة يأس، بل نداء مسؤول من رأس الدولة اليمنية لإنقاذ اليمن من مشروع طائفي عنصري من اجل الضغط الجماعي لتجفيف منابع هذا المشروع التخريبي
ما بعد التصنيف… ما هي الخطوات المطلوبة؟
تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية ليس هدفًا في ذاته، بل مدخل لسلسلة من الإجراءات الضرورية على المستويين العربي والدولي، أبرزها:
1. تجفيف منابع التمويل والدعم:
• مراقبة التحويلات المالية والأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالجماعة.
• إغلاق واجهاتها الاستثمارية والخيرية المشبوهة داخل اليمن وخارجه.
2. محاكمة القيادات الحوثية كمجرمي حرب:
• عبر المحاكم اليمنية المختصة أو بالتعاون مع القضاء الدولي.
• توثيق الانتهاكات والجرائم المنهجية بحق المدنيين.
3. ملاحقة الداعمين الإقليميين والدوليين:
• تحميل إيران المسؤولية القانونية والسياسية لتمويل وتسليح جماعة مصنفة إرهابية.
• العمل مع الأمم المتحدة لوضع حد للتدخل الإيراني في اليمن.
4. تعزيز الدعم الدولي للحكومة اليمنية:
• دعم جهود استعادة الدولة ومؤسساتها.
• تسهيل الدعم العسكري والاستخباراتي لضبط الأمن في البر والبحر والموانئ.
5. منع الاعتراف الدولي بأي سلطة انقلابية:
• رفض أي مساعٍ سياسية تُضفي شرعية على الجماعة تحت مسمى “شراكة” أو “حوار” قبل تفكيك ميليشياتها وتسليم السلاح
الكرة في ملعب العرب… والعالم
إن على الدول العربية أن تلتقط هذه اللحظة، وتحوّل دعوة اليمن إلى قرار جامع. فالدول العربية تعرف جيدًا حجم الخطر الحوثي الإيراني الذي لم يعد يهدد اليمن وحده، بل كل المنطقة.
لقد آن الأوان أن يتحدث العرب بلغة واحدة: الحوثي جماعة إرهابية.
وأن يُترجم هذا الموقف إلى دعم سياسي وقانوني وعسكري حقيقي لاستكمال استعادة الدولة اليمنية وفرض سيادتها على كل شبر من أرضها ومياهها…
كلمة الرئيس العليمي في بغداد كانت باسم اليمنيين جميعًا…
صرخة دولة، لا جماعة.
صرخة شعب، لا فئة.
صرخة وطن، يطالب بحقّه في الحياة والحرية والسيادة.
وكل من يصغي جيدًا لهذه الكلمة، سيدرك أن تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية ليس خيارًا سياسيًا، بل ضرورة وجودية لليمن… ولمحيطه العربي والدولي.