اخبار

تتضمن رؤية استراتيجية لإنشاء قاعدة عسكرية مشتركة، رسالة هامة وعاجلة من مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية إلى قمة قادة دول مجلس الدول العربية والإفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن.

*خاص.

رسالة هامة وعاجلة يتقدم بها مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية إلى قمة قادة دول مجلس الدول العربية والإفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن والتي سيتم انعقادها يوم غداً الخميس بمدينة جدة. تحمل الرسالة رؤية يتقدم بها مركز البحر الأحمر لإنشاء قاعدة عسكرية عربية افريقية مشتركة للدول المطلة على البحر الأحمر تكون جزيرة ميون اليمنية هي موقعها. وشرعية تلك الرؤية وفقاً لميثاق جامعة الدول العربية في مجال الدفاع والأمن المشترك وذلك لمواجهة التهديدات العسكرية التي تشكلها أذرع إيران في اليمن ومخابرات إيران والتي تسيطر على أكثر من 400 كم من سواحل اليمن على شواطئ البحر الأحمر من الحديدة إلى ميدي شمالاً.

وتحتوي الرسالة على سرد تاريخي مختصر عن أهمية البحر الأحمر. حيث كان البحر الأحمر شبه بحيرة مغلقة حتى شق قناة السويس في العام 1859م ومنذ ذلك التاريخ أصبح البحر الأحمر واحد من أهم الممرات المائية البحرية على مستوى العالم.

ويمثل البحر الأحمر واحداً من أهم طرق الملاحة الرئيسية في العالم إذ يربط بين قارات ثلاث هي أفريقيا وآسيا وأوروبا.

ازدادت أهمية البحر الأحمر في العهد الاستعماري الأوربي ومثل شريان تجاري هام بين الشرق والغرب. وكان للتاج البريطاني الهيمنة الأكبر على البحر الأحمر من خلال تواجدها في مصر والسودان اضافة الى عدن التي احتلتها في العام 1839م لفرض الهيمنة البريطانية على باب المندب وخليج عدن.

ومع اكتشاف النفط في العقود الأولى من القرن العشرين في السعودية ودول الخليج والعراق تضاعفت اهمية البحر الأحمر، وشكل خليج عدن وباب المندب وقناة السويس ومضيق هرم  ما يسمى بالخط الذهبي نتيجة مرور الطاقة واحتياج الأسواق لها.

ظلت الهيمنة البريطانية هي المظلة الأمنية لهذا الخط التجاري البحري حتى قيام ثورة يوليو في مصر في العام 1952م وما تبعها من أحداث مثل تأميم قناة السويس. والعدوان الثلاثي على مصر، وبدأ نفوذ الامبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس إلى الزوال.

خضع البحر الأحمر من أواخر الخمسينات لأنظمة أمن معقدة بين قطبي الحرب الباردة واشنطن وموسكو وربما انها غير معلنة حيث حصل الروس على بعض النفوذ البحري بالاتفاق مع اليمن الجنوبي الذي حصل على الاستقلال في العام 1967م.

يمثل أمن البحر الأحمر أحد محددات الأمن الوطني لكلاً من السعودية اليمن مصر الاردن السودان ارتيريا جيبوتي.

وعلى الرغم من ذلك يغيب في السابق التنسيق أو بمعنى ادق الرؤية الشاملة الدائمة بين الدول المطلة على البحر الاحمر.

فان البحر الأحمر  يمثل أهمية  لدول عظمى مثل الصين والولايات المتحدة  ودول الاتحاد الأوربي وربما اعتمدت بعض الدول على اتفاقيات مع الدول الكبرى،  فدولة واحدة صغيرة مثل جيبوتي سمحت بنشر قواعد عسكرية امريكية وفرنسية وصينية ويابانية واسبانية وهناك طموحات مطروحة لدول أخرى لإنشاء قواعد عسكرية في جيبوتي مثل روسيا والسعودية.

ومن الواضح ان التنسيق غير غائب بمستويات مختلفة، وقد ظل البحر الأحمر آمن على الرغم من التهديدات والمخاطر..  وفي العقدين الماضيين برزت مخاطر جديدة مع ظهور الجماعات الارهابية والانهيارات السياسية وظهور الجماعات المسلحة بديلاً عن الدولة. لقد أصبح العمل المشترك والتحالفات الإقليمية والدولية ظاهرة بارزة في العلاقات الدولية خلال العقود الثلاثة الأخيرة.

وسمعنا جميعا ما أعلن عنه الرئيس الروسي بوتين في 31 يوليو الماضي عن ما اسماه العقيدة العسكرية الجديدة للبحرية الروسية وذكر فيها الرؤية الجديدة عسكريا للقوات البحرية الروسية ضمن الصراع العالمي الجديد على المحيطات والممرات الدولية وتابعنا ذلك الاعلان المهم من الرئيس بوتين ووفق ما نقلت تقارير روسية بان روسيا لديها خطط عسكرية بحرية لوجود نقاط ضمان لوجستية- فنية في البحر الأحمر وهذا موضوع جديد وغير عادي في الصراع العسكري الدولي على الممرات الدولية  فضلاً عن التأكيد على إمكانية استخدام القوة العسكرية في المحيطات، كما نصت على تطوير مرافق الإنتاج لبناء سفن حاملة للطائرات حديثة للقوات البحرية.

ووفقا لما ورد في تناولنا أعلاه فإن قمة مدينة جدة المرتبة تمثل أهمية كبيرة هذه القمة الخاصة بمدينة جدة التي دعاء لها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لعقد قمة عربية أفريقية مشتركة لقادة الدول المطلة على البحر الأحمر والمحدد انعقادها غداً الخميس الموافق 2022/9/8م  فإنها وبلا شك أتت في الوقت المناسب وتمثل استراتيجية جديدة للتعاون في درء المخاطر عن هذه المنطقة الحساسة وفق المتغيرات الدولية والصراعات الكبرى التي بدأت تعصف بالعالم من نواحي عدة خصوصاً  بعد الحرب الروسية الأوكرانية والصراع الصيني الأمريكي الذي ظهر تحت مبرر تايون.

إن تحديد الهدف من أي عمل جمعي على مستوى منطقة جغرافية مثل دول حوض البحر الأحمر  يمثل درجة كبيرة من الأهمية. 

لقد مثل سقوط الدولة في اليمن على يد مليشيات طائفية مدعومة ايرانياً خطر جسيم على المنطقة ودول حوض البحر الاحمر بشكل عام.

ولتلافي هذا الخطر تحركت معظم الدول المشاطئة مثل مصر والسودان والاردن الى الانضمام لتحالف عسكري بقيادة السعودية لدعم الشرعية اليمنية وكذلك حماية الممر الدولي للبحر الاحمر تحت مشروع عاصفة الحزم.

ان العمل العسكري العربي المشترك الذي بداء فجر 26/مارس /2015  الذي حمل اسم عاصفة الحزم تمكن من احتوى الموقف بنسبة كبيرة وأمن الشواطئ الجنوبية لليمن على خليج عدن واستطاع الوصول الى باب المندب والتقدم شمالاً حتى المخا واصبح بالقرب من الحديدة، اسهم هذا العمل في تقليل المخاطر لكثير من الأنشطة المحتملة للمليشيات الطائفية المدعومة ايرانياً، وعلى الرغم من ذلك فمازال خطر التهديدات قائم ولازالت مليشيات الحوثي المدعومة ايرانيا تسيطر على اكثر من مساحة 400 كيلو من سواحل اليمن.

وبالنظر الى ممارسة ضغوط دولية في العام 2018م لإيقاف الأعمال العسكرية لتحرير الحديدة  وبقاء سيطرة الانقلاب الحوثي عليها فان هذا يوكد جانب سلبي لأمور ليست من صالح الدول المطلة على البحر الأحمر وضوء أخضر دولي غير معلن لاستمرار سيطرة مليشيا الحوثي الايرانية على الساحل اليمن من الحديدة حتى ميدي شمالا.

فيمكن للمراقب أن يلاحظ أن تعريف المخاطر ضد الملاحة العالمية غير متفق عليه، وهذه القضية يجب أن تعالج لشكل أكبر عبر القنوات الدبلوماسية، إن مثل هذا الاختلاف سمح للأخطار بالنمو والتضخم.

إن قمة جده مطالبه اليوم والأمل معقود عليها كثيرا وكبيرا وذلك لتحديد المخاطر بما يتفق نصاً وروحاً مع القانون محلياً وإقليميا ودولياً والذي يضمن حماية المياه الاقليمية وردع اي تهديدات والأمل معقود على هذه القمة بقيادة السعودية بانها سوف تضع هذه القمة رؤية استراتيجية شاملة غير نمطية ويتم تطبيقها عمليا على ارض الواقع لحماية مشتركة للبحر الاحمر وخليج عدن.

ونعرف جيداً بان هذه القمة العربية الأفريقية في جدة بقيادة السعودية ومصر تمتلك الإرادة السياسية والقوة العسكرية بقيادة البلدين ومكانتهما البارزة إقليمياً ودولياً وامتلاكها أيضا العلاقات الدولية المتينة، وذلك لوضع رؤية وتنفيذها عمليا مع كل الدول المطلة على البحر الاحمر.

لقد سمح التراخي وحسابات المصالح بتضخم المخاطر التي تواجه أمن البحر الأحمر وهذا أمر واضح لا جدل فيه.

وفي الحقيقة فان المليشيات الطائفية الحوثية والمدعومة ايرانياً لازالت تمثل خطر حقيقي فيما يتعلق بالملاحة الدولية على سواحل اليمن واستطاعت هذه المليشيات الحوثية المدعومة ايرانيا الى تطوير قدراتها بحيث تستطيع تهديد الملاحة فعلياً.

ولذلك طور الحرس الثوري الإيراني نفس التكتيك الذي استخدمه في حرب الخليج الأولى عبر الزوارق المسلحة لمهاجمة السفن العابرة.

كما أننا في مركز البحر الأحمر لدينا معلومات وتحقيقات مؤكدة لدى قسم الدراسات الامنية في المركز بأن مليشيا الحوثي عبر خبراء الحرس الثوري طورت أسلحة متنوعة للحوثيين تمتلكها لاستخدامها في التهديدات البحرية في البحر الأحمر  ومنها صواريخ سيلكوم الصينية بنماذج معدلة منها صواريخ ارض بحر تحت الماء، إضافة إلى تقنيات للمسيرات لمهاجمة أهداف بحرية، وسبق للمليشيات ان نشرت الغام بحرية وهناك العشرات تم انتشالها.

إن بقاء قدرات المليشيات المدعومة ايرانياً سيجعل الملاحة الدولية عرضة للابتزاز من قبل، جماعات مسلحة ولا يمكن تصنيف هذا العمل إلا بالأعمال الإرهابية.

إننا في مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية وبعد دراسات وقراءة عميقة للمشهد محليا واقليميا خرجنا برؤية من منطلق وطني وعروبي نراه رأي صائب ومشرف دون خجل أ أو يمكن أن يفسر من البعض بتفسيرات أخرى فإنه معروف بأن الحدود الجغرافية البحرية لا تعرف الحدود وانطلاقا من المصلحة الاستراتيجية للأمن الوطني البحري لليمن والأمن الإقليمي العربي والافريقي للدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن لمواجهة التهديدات والمخاطر التي تهدد أمن البحر الاحمر خرجنا برؤية نرى انها صائبة ومناسبة ومنطقية وهي انشاء قاعدة عربية أفريقية للدول المطلة على البحر الأحمر ويكون موقعها جزيرة ميون اليمنية ذات الموقع الاستراتيجي وذلك وفقا لميثاق جامعة الدول العربية في مجال الدفاع المشترك، وعلى أن يكون في هذه القاعدة تواجد لقوة عسكرية غير عادية ممثلة بتشكيلات عسكرية بحرية حديثة وقاعدة جوية مشتركة تتضمن عدة أسراب عسكرية من الأسطول العسكري الجوي السعودي والمصري القوي من طائرات F15 السعودية وF16 والرافال المصري وتشكيلات عسكرية جوية وبحرية من السودان والاردن وتشارك اليمن وارتيريا بحسب قدراتهم العسكرية والامكانات المتاحة، ونرى انضمام دولة الامارات العربية المتحدة عضوا  في هذه القاعدة العسكرية المشتركة نظرا لأهمية التأثير الإماراتي اقليميا ودوليا وكونها حليفا مهما في التحالف العربي.

ونرفع هذه السطور والرؤية الى قادة الدول المطلة على البحر الأحمر في اجتماعهم الهام والمهم في هذه المرحلة المعقدة والصعبة اقليميا ودوليا وندعو الله لهم بالتوفيق والرشاد والنجاح والسداد لهذه القمة، ونحن نعرف جيدا بأن قادة الدول المطلة على البحر الاحمر ليس بحاجة تنظير أو أفكار فهم يمتلكون كل الرؤى والخطط الاستراتيجية والمعلومات والقدرات ويعرفون متى وأين الوقت المناسب لكل موقف وحدث وتحرك، ولكننا في مركز البحر الاحمر للدراسات السياسية والأمنية انطلاقا من مهام مركزنا الاستراتيجي ونتاج دراساتنا وابحاثنا واهتمامنا في المركز بأمن البحر الأحمر كأحد أهم الأساسيات في توجهات المركز نرى أنهه مهنياً وقانونياً ومعرفيا وكواجب وطني وقومي لزاماً علينا أن نقدم ما نراه صائباً وفق مجهوداتنا وقرأتنا العميقة للمشهد ومعايشتنا للواقع اليمني على كل المستويات وما نصل إليه في قيادة المركز والباحثين الاستراتيجيين من أفكار ورؤى نضعها على طاولة صناع القرار وكذلك نحتفظ بأحقيتنا الفكرية في كل مكان وزمان بما نقدمه ونوثق للتاريخ أفكارنا ومشاركاتنا الهامة وتكون شاهداً لنا وعلينا وعلى حرصنا والشعور بالمسئولية ونحن متحركين ونتواصل على المستوى الرفيع وغير العادي محليا وإقليميا بكل ما يخدم وطننا الغالي وامتنا العربية الكريمة والله من وراء القصد والمراد.

صدر عن رئاسة مركز البحر الاحمر للدراسات السياسية والأمنية بتاريخ 2022/9/7م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى