استشاريةالدراساتبحثيةتنمويةدورات تدريبيةمقالات

محمد الولص بحيبح رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات يكتب: ”انهيار المحور الإيراني… والبقية تأتي”

خاص

-مقال افتتاحية العدد الرابع من مجلة البحر الأحمر الصادرة في شهر يناير 2025 من القاهرة

-بعنوان “انهيار المحور الإيراني… والبقية تأتي”

بقلم: محمد الولص بحيبح – رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات -السياسية والأمنية.

تم تدمير بنية حزب الله التحتية، انهيار سوريا، وتدمير الدفاعات الجوية الإيرانية مما ترك طهران معزولة سياسيًا، ضعيفة عسكريًا.

منذ خسارة إيران حربها مع العراق (1980 – 1988)، وهي تبني استراتيجيتها الدفاعية عبر خوض حروبها خارج أراضيها، ولأجل ذلك عملت على بناء أذرع لها ومولتها بمليارات الدولارات على مدى أكثر من 4 عقود.

كان شعار الخميني منذ نجاح ثورة 1979 هو “تصدير الثورة”، لكن حلم الخميني اصطدم بقوة العراق في عهد الرئيس الشهيد صدام حسين، ثم كان تسلله إلى لبنان عام 1982، عندما أرسل بعثة من “الحرس الثوري” إلى بيروت لتأسيس “حزب الله” على حساب حركة أمل، ومن هنا بدأ “المشروع الإيراني” رحلة التمدد في المنطقة العربية المشغولة بخلافاتها وصراعاتها.

تقوم “استراتيجية إيران” على أن حربها للدفاع عن نفسها تبدأ من أراضي الغير، وهو مبدأ “التخادم” الذي تم تنشيطه مع الولايات المتحدة، وشكل نجاحًا عمليًا للطرفين، لكن ما حدث خلال العامين الأخيرين حشر نظام الملالي في زاوية ضيقة جدًا، فقد تم ضربه في العمق (تصفية إبراهيم رئيسي وأمير عبداللهيان وآخرين)، واغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس داخل إيران.

بدأ انهيار “محور إيران” في الشرق الأوسط في سبتمبر/أيلول 2024، عندما ألقت طائرات إف-15 الإسرائيلية بعد وقت قصير من خطاب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الأمم المتحدة 84 طنًا من المتفجرات على المخبأ الذي كان يختبئ فيه حسن نصر الله، زعيم “حزب الله” في لبنان، وكشف موت نصرالله اختناقاً في مخبئه المحصن مدى هشاشة حلفاء إيران الأكثر أهمية. وتم تدمير بنية حزب الله التحتية، انهيار سوريا، وتدمير الدفاعات الجوية الإيرانية مما ترك طهران معزولة سياسيًا، ضعيفة عسكريًا.

يعتقد نظام الملالي أن الأولوية لديه هي الحفاظ على سلامة “المشروع النووي” الذي يشارف على نهايته بدعم روسي، وأن إنجازه سيجعل منه دولة نووية، وبالتالي ستكون إيران لها خشية ومهابة من دول الإقليم، ولن تتجرأ إسرائيل على استهدافها (نموذج كوريا الشمالية)، وأن الاندفاع وخوض حرب دفاعاً عن القوى التابعة أو الحليفة لها، قد يؤدي إلى تدمير الحلم الإيراني.

إيران تخيلت بأن إسقاط مؤسسات الدول وحكوماتها وسيطرة ميليشياتها الإرهابية سَيُثّبت أركان مشروعها التوسعي في المنطقة، فهي كانت تعمل في كل العواصم التي أسقطتها بمبدأ العصابات، لأنها كانت تؤدي دور وظيفي، هدفه السيطرة المسلحة ونهب ثروات ومُقدرات هذه الدول واستنزاف شبابها في حروبها بالوكالة.

“المشروع الإيراني” انتهى، وأسطورة “محور المقاومة” تفككت، والمحور الذي استرزق على مشروع فلسطين وذبح السنة في كل أرجاء المنطقة تبيّن أن طريق القدس عنده يمر على جماجم المسلمين في سوريا ولبنان والعراق واليمن ولا يمر عبر تل أبيب.

تواجه إيران الآن أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة. فبعد عقود من العقوبات الدولية والهجمات الغامضة على البنية التحتية للطاقة التي دمّرت الاقتصاد، أدى ذلك إلى تضخم متصاعد وتدهور العملة وعجز كبير في البنية التحتية. كما أن نقص الطاقة الشتوي تسبب في انقطاعات يومية للكهرباء، بينما أجبرت مستويات التلوث في طهران السكان على الإغلاق، مما زاد من غضب الشعب.

وتتزايد حالة السخط داخل النظام نفسه. حتى “الحرس الثوري” الإيراني، الذي كان يعد أحد أركان الجمهورية الإيرانية، بدأ يظهر علامات انقسام، حيث يعبر الأعضاء الشباب عن إحباطهم من قيادتهم الفاسدة. وهذه الشقوق داخل أساس النظام تشير إلى مستوى غير مسبوق من عدم الاستقرار وخيبة الأمل.

سوف يسجل التاريخ ان جرائم ايران وأذرعها في المنطقة خلال عقود من الزمن لم يسبق أن مرت بها المنطقة العربية وجروح عميقة لايمكن ان تندمل او تنسى.

الانهيار المحنمل والواضح ملامحة للنظام الإيراني يمثل تحولاً هائلاً في الشرق الأوسط. وتراجع نفوذ إيران، إلى جانب القضاء شبه التام على حزب الله، وخروج إيران من سوريا، يخلق فرصة لمنطقة أكثر استقراراً وسلاماً. ورغم التحديات، يقدم هذا التحول أملاً لعصر جديد في الشرق الأوسط.

أعتقد أننا سنرى خلال الأشهر القادمة ضعف ما تبقى من ميليشيات إيران وانكماش دولة الملالي على نفسها، وستتحرر العراق واليمن، ويومها نقول “هَٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى