تحليلات

زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي لألمانيا : خطوة متقدمة في الاتجاه الصحيح لإستعادة الحضور الدبلوماسي والسياسي إقليمياً ودولياً.

*بقلم د. محمد يحيى الدباء.

رئيس قسم الدراسات السياسية بالمركز.

تأتي زيارة رئيس  مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي إلى المانيا ، واليمن يمر بظروف صعبة ووضع سياسي بالغ التعقيد، فالهدنة الهشة التي رعتها الأمم المتحدة لم تنفذ إلا في وسائل الإعلام التابعة للأمم المتحدة ، كما أن الوضع الاقتصادي والمعيشي يزداد سوءا كل يوم، بالإضافة إلى تعقيدات واقع التركيبة المؤلفة للمجلس الرئاسي والتباينات داخل المجلس، وانعكاس ذلك على مشروعية أداء المجلس ، كل ذلك أضاف تعقيدات إلى  الحالة المعقدة .

في وضع غير صحي هكذا ، وفي مشهد تراجيدي للحالة اليمنية ، وجد نفسه الرئيس العليمي لأن يتقدم خطوة إلى الأمام، لتحريك الدبلوماسية اليمنية في محاولة لحلحلة الأوضاع، من خلال القيام بزيارة إلى العديد من الدول المؤثرة في معادلة التوازنات الدولية، وكذلك، الدول الفاعلة في الملف اليمني، ولتكن البداية في استعادة الحضور السياسي لمؤسسة الرئاسة في الساحة الدولية.

وللأهمية ، تأتي زيارة الرئيس العليمي لألمانيا  بهدف استعادة الحضور السياسي لمؤسسة الرئاسة بعد غياب طويل ، نتج عنها فراغ سياسي تم استثماره من قبل المليشيات الحوثية المدعومة من إيران . وقد كان لغياب الدبلوماسية اليمنية في بلدان الاعتماد دور كبير في تغييب القضية الوطنية، وعدم التعريف بها في وسائل الإعلام والصحافة والمحافل الدولية، ذلك الغياب الغير مبرر، نقل صوره مشوهة ومغلوطة عن طرفي الصراع الممثلة في ميليشيات الحوثي الانقلابية كطرف والشرعية الدستورية كطرف ثاني، إلا أن الإعلام المضاد، خلق صورة مغلوطة لدى الرأي العام في الغرب ودوائر صنع القرار فيها، بان الحرب في اليمن هي بين طرفين، الأول إقليمي ممثلا بالتحالف العربي  وتمثلة  السعودية ، والثاني محليا ممثلا بالحوثيين.

 هذه الصورة المغلوطة تم توظيفها سياسيا وإعلاميا من قبل آلة  الإعلام الكبيرة التي تديرها المليشيا والقوى الداعمة لها ،وتوجيه الرأي العام الغربي ضد قيادة التحالف العربي ممثلا بالمملكة العربية السعودية  والحكومة الشرعية، وبعيدا عن الصورة الحقيقية لأطراف الصراع والتي تسبب فيها انقلاب مليشيات الحوثي المدعومة من إيران على السلطة والدولة .

 تعتبر المانيا أكبر اقتصاد اوروبي، ومركز الثقل الاقتصادي في الاتحاد الاوروبي، ولها حضور سياسي مرموق اقليميا ودوليا، كما انها قطب سياسي مؤثر في لعبة التوازنات الدولية ، ولديها علاقات دولية متشعبة مع القوى والكيانات السياسية والدول المؤثرة في الملف اليمني، كما أن الحضور الكثيف للشيعة في المانيا والعلاقات الجيدة التي تربطها مع إيران، كل ذلك جعلها في وضع يؤهلها لأن تكون وسيط في النزاعات الإقليمية ، ومعرفتها الجيدة بالتيارات والقوي السياسية الشيعية في العالم، والتي تتمتع بحرية الإقامة والعمل السياسي في المانيا. وهو ما يلاحظ سابقا عند استضافتها  ليحيى الحوثي عضو مجلس النواب وشقيق الهالك حسين الحوثي زعيم المليشيا لسنوات قبل مجيئة في 2011، ومعارضتة للحكومة اليمنية من داخل الأراضي الألمانية.

من هنا تأتي اهمية زيارة الرئيس العليمي لألمانيا، لوضع صانع القرار في المانيا أمام الصورة الحقيقة لما يجري في اليمن ،  وحشد الجهود الدولية لمواجهة المخاطر التي تهدد الملاحة الدولية وأمن البحر الأحمر، نتيجة انقلاب مليشيات الحوثي المدعومة من إيران ، وسيطرتها على العاصمة صنعاء ، والمحافظات المشاطئة للبحر الأحمر، وهو ما  يمثل أكبر تحدي يهدد أمن الطاقة وطرق التجارة الدولية وأمن البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن والمنطقة بشكل عام .

كما أن الوضع السياسي والاقتصادي القوي لألمانيا في الإتحاد الأوروبي، سوف يحفز ويشجع الدول الأوروبية الأخرى لتطوير وتعزيز العلاقات مع اليمن ومساندتها في هذه المرحلة الصعبة، ويساهم إلى حد كبير في تغيير الصورة المغلوطة التي رسمتها وسائل الإعلام المعادية عن ما يحدث في اليمن،  لدى الرأي العام وصناع القرار في العديد من دول الإتحاد الأوروبي.

 من هذا المنطلق ، تأتي زيارة الرئيس العليمي لألمانيا، لوضع الغرب أمام الصورة الحقيقية لما يجري في اليمن من جرائم تقوم بها الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران نتيجة انقلابها على السلطة والدولة.

أخيراً: تمثل هذه الزيارة فرصة جيدة لوضع المنظمات والخبراء الألمان أمام الصورة الحقيقية للوضع في اليمن، بما في ذلك مسار الهدنة الإنسانية، ومحاولات المليشيات الحوثية المدعومة من إيران لإفشالها، والشراكة المطلوبة مع منظمات المجتمع المدني الألماني لدعم سبل الانتقال من مرحلة الإغاثة إلى مسار التنمية وبناء جسور التواصل الفاعل مع الشعب اليمني، والاستماع إلى اهتمامات المنظمات المدنية الالمانية، وبرامج الشراكة المتاحة في مختلف المجالات، كما أنها تسهم في تعزيز علاقات التعاون مع مختلف الشركاء الإقليميين والدوليين لليمن، وبما يخدم مصالح الشعب اليمني، ويخفف من معاناته الانسانية ،وباعتبارها خطوة سياسية مهمة نحو حضور سياسي فاعل، وانعكاس ذلك، على حضور اليمن السياسي إقليما ودولياً، وبما بعيد لها الحضور السياسي  على الساحة الدولية كوحدة مؤثرة وفاعلة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى