اخبار

“وجهان لعملة واحدة”

-بقلم- محمد عمر.

*صحافي “مصري” متخصص في الشؤون الدولية.

في ظل ملامح أزمة الغذاء الراهنة، مُستندًا إلى أنّ إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” تعيد كتابة استراتيجيتها للأمن القومي، مع إبراز أهمية قضية “الأمن الغذائي”.

وجعل الصراع الروسي- الأوكراني  الغذاء أولوية في أجندات السياسة؛ كون محاصرة الحبوب الأوكرانية أثر على إطعام الملايين حول العالم، خاصة شعوب المناطق النامية كما أنّ العقوبات الغربية على روسيا جعلت من الصعب شراء الأسمدة الروسية.

وبعض الأدلة التي تثبت تفاقم انعدام الأمن الغذائي حول العالم، ففي تقرير حديث صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، ارتفع عدد الذين يعانون من نقص التغذية عالميًّا بين 2019 و2021 بنحو 150 مليونًا، ويرجع ذلك إلى جائحة “كوفيد -19”. وفي 2020، ازداد انعدام الأمن الغذائي بما يقارب ما كان عليه في السنوات الخمس السابقة مجتمعة.

فضلًا عن أنّ قرابة 3.1 مليارات شخص غير قادرين على تحمل تكاليف نظام غذائي صحي؛ ووفقًا لبعض التقديرات، تضاعف عدد الأشخاص الذين على وشك الوقوع في “المجاعة” بمعدل عشرة أضعاف منذ عام 2019.

وفي السياق ذاته، يُقدر “برنامج الغذاء العالمي” أنّه في 2022، من الوارد أن يعاني 47 مليون شخص إضافي من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ما يعني أنّهم لا يستطيعون الحصول على ما يكفي من الغذاء ليعيشوا حياة صحية ومنتجة.

والمجاعة هي نتاج سياسي، مُشيرًا إلى أنّ روسيا تهدف إلى عزل أوكرانيا عن مؤيديها الدوليين، من خلال توليد موجات من الاضطرابات العالمية، التي ستجعل داعمي “كييف” يُنهَكون من القتال.

وقد يؤدي الجوع الشديد إلي تدفقات اللاجئين التي من شأنها زيادة اضطراب السياسة الأوروبية وتفاقم انقساماتها الداخلية. فعلى سبيل المثال، ألقى وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” باللوم على السياسة الروسية ودورها في تفاقم نقص الغذاء، في سقوط حكومة سريلانكا.

وبُناء على ما سبق، يجب على الحكومات والهيئات الدولية ببذل مزيد من الجهود لزيادة المحاصيل الزراعية، وإعطاء الأولوية لإنتاج الأطعمة الضرورية لنظام غذائي صحي، بالإضافة إلى توجيه المزيد من المساعدات الدولية إلى السكان المتضررين.

فمن جهتها، تحاول الولايات المتحدة زيادة صادرات الحبوب الأوكرانية باستخدام الطرق البرية والنهرية لشحنها عبر البلدان المجاورة ثم إلى الخارج ، ومع ذلك، من المحتمل أن يؤدي هذا إلى تحرير جزء صغير فقط من الحبوب الأوكرانية المُحتجزة.

ختامًا، يعد انعدام الأمن الغذائي وانعدام الأمن الدولي وجهان لعملة واحدة؛ فالثورة الروسية عام 1917 حدثت عندما جعلت الحرب العالمية الأولى من المستحيل إطعام السكان الغاضبين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى