د. لمياء الكندي.
باحثة في مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية – رئيسة وحدة المرأة والطفل في المركز.
لا يختلف اثنين حول أهمية الإعلام في توجيه الرأي العام واسناد القضايا الكبيرة في حياة الشعوب ودوره في تهيئة مناخ سياسي يتعاطى مع متغيرات السياسة واستراتيجياتها في توجيه الحدث وصناعته.
مرورا بمؤتمر ميونخ نهاية العام الماضي لم يكن ظهور رئيس مجلس القيادة الإعلامي مؤخرا على القنوات الفضائية وبالذات المصرية مفرغا من الدلالات والرسائل المهمة وتأتي أهمية تلك اللقاءات من كونها تهيئ لأرضية جديدة للقيادة اليمنية تتشكل من خلالها دبلوماسية مسنودة بتوجه اعلامي حدد من خلاله رئيس مجلس القيادة طبيعة هذا المرحلة بما حملته مضامين تلك اللقاءات من رسائل للداخل والخارج.
عانت الدولة الشرعية في الفترة السابقة من شبه سبات اصاب الحراك السياسي والإعلامي غيب حضورها كصانعه للقرار مقابل الحضور الإعلامي المكثف للحوثيين الذين وجدت سياستهم وخاصة المتعلقة في أمن البحر الأحمر وعزة بعد دولي ساندته وكالات اعلامية عالمية ساهمت في صناعته وتضخيمه وهو ما يحاول العليمي اليوم التأثير عليه عبر تغيير معادلة الحضور الإعلامي للحكومة الشرعية لتبني واقع اعلامي ينتشلها من حالة السبات ويعيد للمشهد الداخلي والعالمي وبذات المحيط العربي والإقليمي حضور الدولة عبر تشكيل خارطة اعلامية دبلوماسية تحرك من المياه الساكنه في تعاطي الدول المعنية مع الملف اليمني.
انطلق الدكتور رشاد العليمي في لقاءاته تلك من قاعدتين توجه الأحداث في اليمن تقوم القاعدة الأولى على قناعة وخيار استراتيجي داعم لتوجه الدولة ويدعم من تعزيز قدرات المؤسسة العسكرية كضامن لملأ الفراغ الذي يتحرك فيه الحوثيين وبذات فيما يتعلق بالقوات الجوية والقوات البحرية وإعادة النظر في اتفاقية استكهولم وما نتج عنها من تداعيات افضت إلى سيطرة المليشيات الحوثية على سواحل محافظة الحديدة في البحر الأحمر المطلة على باب المندب أهم الممرات المائية الدولية في البحر الأحمر وهو ما يفرض على القوى الإقليمية والدولية دعم توجهات الحكومة نحو استكمال تحرير الحديدة كمنطلق لضمان أمن البحر الأحمر وحركة الملاحة فيه كون الحسم العسكري يفضي إلى تحقيق الأمن والسلم الدولي و يشكل الضمانه الوحيدة للمضي في اي تسوية سياسية قادمة مع الحوثيين من أجل الوصول إلى سلام شامل وعادل.
في حين تتجه القاعدة الثانية نحو ترميم الآثار السلبية التي ساهمت في ركود الملف اليمني لدى شركاء اليمن الدوليين والأقليميين وفق مصالح مشتركة تفرضها المرحلة الحالية وخاصة فيما يتعلق في أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر وتشابكاتها الإقليمية والمحلية.
وفي سبيل تحقيق هذا التوجه يتوالى الحضور الإعلامي لرئاسة الدولة لبناء جسور من الرعاية المشتركة لحماية مصالح اليمن وخلق فضاءات تهيئ لمرحلة جديدة في الدفاع عن تلك المصالح تكون اليمن ممثلة بحكومتها الشرعية القوة الوحيدة القادرة على حفظ أمن المنطقة كون الأخطار الحوثية التي تهدد أمن الملاحة العالمية والأمن الإقليمي ككل تنطلق منها.
تمتلك مصر ثقل سياسي دبلوماسي مؤثر يمكنها اليوم من تقديم الدعم والاسناد للحكومة الشرعية من منطلق الدفاع المشترك على المصالح المتبادلة بين البلدين.
لم يكن توافد الفرق الإعلامية المصرية إلى العاصمة عدن ولقاءاتها مع قيادة الدولة مفرغة من المضامين السياسية والاستراتيجيات المشتركة بين البلدين بل انها تعبر عن تناغم وتوجيهات جيوسياسية تدافع عن نفسها امام الإمتدادات الخطيرة للحوثيين ككيان مهدد للأمن والاستقرار بين البلدين وخاصة بعد انعكاس سياسة الحوثيين العدائية في البحر الأحمر على حركة التجارة في قناة السويس.
يمكن للأحداث الأخيرة في اللبحر الأحمر ان تشكل توجه سياسي داعم للحكومة ترعاه مصر مع شركائها الاقليميين والدوليين للدفع بمسار الحكومة نحو تحرير الأراضي اليمنية من سيطرة الحوثيين كونه الحل المثالي لانهاء الصراع والتهديد وتهيئة الرأي العام العربي والعالمي بإسناد هذا التوجه بدلا من تحويل أمن منطقة البحر الأحمر إلى بؤرة صراع وتوتر تسهم في تأجيجه قوى عالمية بعيدة كل البعد عن استيعاب المخاطر الحقيقية لأمن المنطقة بل على العكس تؤجج من تفاقم هذا الصراع وهذا ما تسعى الحكومة اليمنية إلى تأكيده وتجديد المطالبة بتامين المناخ السياسي والعسكري لاستعادة اليمن ذاته عبر تمكينه من خوض حرب التحرير الكاملة للتراب اليمني بما يضمن الأمن الإقليمي والدولي في المنطقه.