مقالات

ذياب الدباء يكتب: حرب غزة ما بين الاستغلال والاستقلال

كشفت حرب غزة الكثير من الاوراق والمواقف المتعلقة بالقضية الفلسطينية والصراع الإقليمي المتصاعد، ففي الوقت الذي سارعت فيه الدول العربية لتشكيل موقف مستقل وموحد يدين الكيان الصهيوني ويخفف من اثار ردة الفعل الوحشية، تجلى في عقد القمة العربية والإسلامية وبيانها الختامي، والعمل الدبلوماسي العربي الفاعل في الأمم المتحدة ، والمواقف الرسمية التي ادانت اسرائيل من أول يوم بقوة ووضوح، وطالبت بوقف الحرب، ويعد ذلك موقف متقدم قياساً على مواقف سابقة في احداث مشابهة، مع التاكيد على أنه موقف دون المستوى المطلوب.

في ذات الوقت يسعى ما يسمى بمحور المقاومة لاستغلال الحرب على غزة بتحركات عملياتية هامشية، وخطابات نارية تستهدف بمجملها التاثير على الحواضن الشعبية وتعزيز النفوذ الداخلي، دون الحاق اي ضرر بالكيان الصهيوني، وبرزت مظاهر ذلك في المناوشات المتقطعة في جنوب لبنان والمشاكسات البهلوانية للحوثيين في البحر الأحمر.

في الاثناء تسعى إيران وأمريكا لتحويل البحر الأحمر الى ساحة صراع لفرض واقع جيوسياسي يقوض مصر والسعودية ويعيد هيكلة التواجد الدولي والاقليمي في المضايق والجزر الحاكمة والقرن الافريقي، بالتزامن مع انقسام داخلي وحروب اهليه على ضفتي البحر الأحمر في اليمن والسودان.

استغلت الولايات المتحدة الامريكية الحرب في غزة لتعزيز حضورها ونفوذها العسكري في شرق المتوسط والبحر الأحمر في رسالة غير مباشرة ولكنها واضحة للصين وروسيا أنها لن تتخلى عن الشرق الأوسط، ورسالة مباشرة للقوى الاقليمية المتمثلة في السعودية ومصر وإيران وتركيا ان الولايات المتحدة لا تزال صاحبة الامتياز والحق الحصري في الشرق الأوسط.

وحاولت ايران تحريك اذرعها الميليشاوية لاستغلال الحدث وتصدير صورة لايران بأنها اللاعب الإقليمي الأقوى وفرض معادلة جديدة تعزز نفوذها الجيوسياسي والشعبي والإعلامي في العمق العربي.

مع حضور باهت للاعب التركي لم يخلو من استغلال اعلامي، وموقف دبلوماسي حذر لم يتجاوز استدعاء السفير التركي في اسرائيل للتشاور.

وفي ظل تصاعد حدة الصراع وتعقيد المشهد يتوجب على مصر والسعودية العمل بسرعة لتشكيل موقف عربي قوي وموحد على المستوى السياسي والدبلوماسي، وعلى مسرح العمليات في المنطقة، يساهم في تحديد ملامح المرحلة ومستقبل المنطقة، ويفضح حركات الاستغلال القبيح من قبل ايران واذرعها مالم فان القادم لا يبشر بخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى