
صدر اليوم الخميس 27 نوفمبر 2025 عن مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية قراءة سياسة بحثية تحليلية معمقة حول المشهد اليمني الراهن بعنوان: ”تفكك مراكز القوة لدى مليشيا الحوثي وتنامي فاعلية مجلس القيادة الرئاسي ومؤسسات الشرعية..قراءة سياسية في المشهد اليمني الراهن”.
هذه القراءة السياسية من اعداد رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات، محمد الولص بحيبح. وفيما يلي ملخص مؤجز عنها:
يعيش المشهد اليمني خلال الشهرين الأخيرين تحولات نوعية لافته وواضحة لم تعد مقتصرة على مستوى الخطاب السياسي أو على حركة اللاعبين التقليديين في سطح السياسة فحسب، إذ امتدت إلى مراكز القوة داخل البنية الأساسية لمليشيا الحوثي، وإلى تموضع الشرعية اليمنية في معادلة “الفاعلية” لا “الوجود الهيكلي” وهذه التحولات ليست طارئة ولا منفصلة عن السياق العام الذي حكم مسار الصراع منذ عام 2014 لكنها تشكل مؤشرات واضحة على تغير في البيئة السياسية والعسكرية والدولية المحيطة، ما يجعل قراءة هذه المرحلة مهماً من ناحية تتجاوز منطق “رصد الأحداث” إلى منطق “تحليل التحول”.
تتضمن هذه القراءة السياسية تناولا معمقا للمشهد السياسي الراهن في اليمن عبر ستة محاور رئيسية مع تقديم تفاصيل مهمة وإيضاحات موثوقة وشواهد واقعية مبنية على بحث مهني دقيق.
لقد كان الحوثيين على امتداد الفترة من 2018 حتى 2022 يتحركون ضمن معادلة دعم غير معلن من قوى دولية وإقليمية، منحهم مساحة مناورة أوسع ووفّر لهم قدرة أكبر على الاستمرار والإطالة في الحرب بأقل كلفة ممكنة، وهو ما انعكس على تقدمهم في ملفات ميدانية محددة وتعزيز حضورهم في ملفات سياسية داخل مناطق سيطرتهم، غير أن المتغيرات المتلاحقة خلال العامين 2023 و2024 ثم ما تبلور بصورة أوضح خلال الشهرين الأخيرين، فتحت بابًا لسؤال مختلف: هل ما يزال الحوثي قادرا على البقاء بذات “البنية التي اعتمد عليها”؟ وهل ما يزال الدعم الخارجي يعمل في الاتجاه ذاته؟ أم أن الجماعة بدأت تدخل مرحلة “الدفاع عن المكاسب” بدل مرحلة “توسيع النفوذ”؟
تأتي إجابة هذا السؤال من مسارين متوازيين: الأول يتمثل في التفكك المتدرج لمراكز القوة داخل بنية الحوثيين ذاتهم، وهو تفكك لم يعد قابلا للإخفاء بعد مقتل قيادات عسكرية محورية، وتزايد النزاعات داخل الحلقة الضيقة لصنع القرار، وظهور توترات بين دوائر النفوذ المتحكمة في المال، والاستخبارات، والجبهات، أما المسار الثاني فيتجلى في عودة الشرعية اليمنية إلى مسار الحضور الفعّال، ولو تدريجيًا، سواء عبر خطوات اقتصادية وإدارية محدودة ولكنها محسوبة أو عبر تحركات سياسية خارجية أعادت رسم جزء من التوازن الدولي في مقاربة الملف اليمني، لصالح العودة إلى “المنطق الوطني” في أصل الصراع.
وعليه فإن هذه القراءة السياسية البحثية والتحليلية لا تنطلق من فرضية “هزيمة الحوثي” ولا من فرضية “نهوض تام للشرعية”، وإنما من فرضية أكثر اعتدالًا وواقعية، وهي أن المشهد اليمني اليوم لم يعد هو ذاته مشهد الأعوام السابقة وأن التغيرات في السلوك السياسي للحوثيين وفي مستوى اعتمادهم على أدوات القمع الداخلي، وفي درجة الانكشاف الدولي تجاه تحركاتهم، وفي درجة زوال بعض الامتيازات التي تمتعت بها الجماعة خلال فترات معينة من الحرب، هي تغيرات تستحق قراءة دقيقة لا من زاوية التشفي أو التوقع العاطفي او الخصومة، ولكن من زاوية فهم “التحول البنيوي” الذي ينعكس على التوازن داخل اليمن وعلى شكل الصراع في المستقبل.
انقر هنا للإطلاع على نسخة الـ PDF




