
أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي في حديثه مع المبعوث الأممي أن السلام المستدام في اليمن لن يتحقق إلا بتفكيك البنية العنصرية والعسكرية للمليشيا الحوثية، وهذه ليست مجرد دعوة سياسية، بل تشخيص دقيق لطبيعة جماعة تأسست على مشروع عنصري مغلق، يستحيل أن تتحول إلى كيان مدني أو سياسي طالما ظل متكئًا على فكر الإمامة الزيدية الهادوية العنصرية وامتلك السلاح.
الجماعة الحوثية ليست مجرد ميليشيا مسلّحة ظهرت في سياقات معاصرة، بل هي الامتداد الأوضح للفكر الزيدي الهادوي، الذي مارس التقيّة والتغلغل في بنية الدولة كلما صرعه اليمنيون، ليعيد الإمامة إلى المشهد أكثر من مرة في تاريخ اليمن، وبنفس أسلوب التدمير والتجريف رغم فشله في الاستمرار أو التوسع إلا في مساحات محدودة.
وهذا الفكر يقوم على مبدأ الحق الإلهي الحصري في الحكم لسلالة معينة، ويرفض أي شراكة مع بقية مكونات المجتمع، وبالتالي لا يقبل التعايش مع الآخر “الغير” إلا بشروط الطاعة التامة أو الاستسلام المذل؛ عقيدة مغلقة لا تعترف بالمواطنة ولا بالحقوق المتساوية، ولا يمكنها أن تعيش إلا على فكرة الاستعلاء السلالي، تمامًا كما فعلت الإمامة الزيدية في كل تاريخها الأثيم.
إن من يظن أن الحوثيين قد يتحولون إلى حزب سياسي عصري، شبيه ببقية الأحزاب اليمنية أو الحركات السياسية في العالم، أو ما زال يراهن على دعوات العقلنة لهذه الجماعة الأيديولوجية العنصرية، يحاول القفز على حقيقتين:
فكريًا: الجماعة لا تمتلك رؤية عصرية تناسب العصر، أو يمكن أن تتطور إلى أكثر من جماعة عِرْق-طائفية مغلقة، تحمل رؤية لحكم ثيوقراطي. وهي وإن حاولت أن تتخلى عن فكرها العنصري وتكوينها العقدي فستصبح شيئًا آخر لا وجود له.
بنيويًا: الجماعة ليست تنظيمًا أو تجمعًا اجتماعيًا، بل شبكة سلالية مسلّحة تعتاش على الغنيمة، وعلى فرض الولاء بالقوة.
ولذلك، فالجماعة بطبيعتها وتكوينها محكومة بالبقاء في حالة صراع دائم، لأن السلاح والفكر العنصري هما شرطان أساسيان لوجودها.
يجب أن يكون محسومًا أنه طالما ظل الفكر العنصري الحوثي ممسكًا بالسلاح، فلن يتوقف عن الحرب، ولن يكفّ عن محاولة إخضاع المجتمع لرؤيته. وهنا تتأكد الحقيقة: لا يمكن لأي عملية سياسية أن تنجح ما دام السلاح بيد جماعة ترى نفسها فوق اليمنيين، وتتعامل مع الحكم باعتباره امتيازًا وراثيًا، لا عقدًا اجتماعيًا.
لتبرز المسؤولية الوطنية والتاريخية على الحكومة اليمنية، والواجب الذي تمليه عليها شرعيتها وحق مواطنيها. فالمعركة مع الحوثيين ليست خيارًا يمكن التراجع عنه، بل واجب وطني لكسر سلاح هذه الجماعة وتجريم فكرها العنصري والإرهابي، واستكمال تحرير بقية الأراضي اليمنية من خطرها.
كما أن الحكومة الشرعية مطالَبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بخلق شراكات قوية مع المجتمع الدولي، الذي بدأ في التعامل مع الحوثيين باعتبارهم خطرًا داخليًا يرهب اليمنيين، وخطرًا خارجيًا يهدد مصالح العالم كأداة لمشروع إيراني توسعي.
فإيران لا تزال تراهن على هذه الجماعة لتكون رأس الحربة في حربها ضد الإقليم والعالم، ولهذا يستمر الدعم العسكري والمالي والإعلامي الإيراني للحوثيين.
لقد أثبتت آلاف الأحداث والوقائع أن ما يساعد جماعة الحوثي الإرهابية على الاستمرار عاملان مهمان، هما:
الغفلة عن منابع فكرهم العنصري، الذي ما زال يغذّي العنف ويبرّر للإرهاب ويتفنّن في زعزعة الاستقرار وهدم الدولة.
تجاهل أن الزيدية الهادوية هي ذلك المنبع التاريخي لكل ذلك التدمير والعنف وحلقات الصراع، وهناك من اليمنيين من ما زال يتحفّظ عن الحديث بشكل مباشر عن أساس المشكلة في اليمن وأُسّها.
وعليه، فإن أي مقاربة للسلام لا تبدأ من تفكيك الفكر العنصري وسلاحه معًا، لن تكون سوى استراحة مؤقتة قبل جولة جديدة من الصراع.
إن السلام في اليمن معركة فكرية ووطنية ضد مشروع عنصري استبدادي متجدد، والطريق الإجباري للتعافي وبناء مستقبل مستقر، كما قال الدكتور رشاد العليمي، يبدأ من تفكيك البنية العنصرية والفكرية للحوثيين وتجريدهم من السلاح.
وعلى الحكومة الشرعية أن تقود هذه المعركة حتى نهايتها، بشراكة داخلية مع شعبها، وشراكة خارجية مع العالم، لتكتب صفحة جديدة لليمن خالية من الإمامة والكهنوت والعنصرية.



