اخبار
أخر الأخبار

 هل تفعلها كرة القدم وتركل الجماهير العربية إيران خارجاً

د. لمياء الكندي-أكاديمية وباحثة يمنية – مدير وحدة دراسات المرأة والطفل في مركز البحر الاحمر للدراسات السياسية والأمنية.

في مرحلة ما بعد الثورة الخمينية في إيران ١٩٧٩م وما بعدها تأثر الرأي العام العربي بالدعاية الثورية التي صدرها النظام الإيراني بحيث تحول اعلامه وقنواته وسفاراته عبر العالم الى منابر إعلامية تستثمر في حالة الصراع العربي الإسرائيلي وتتبنى الدفاع عن القضية الفلسطينية التي دخلت طورا جديدا من اطوار العلاقات الدولية المرتبطة بالملف النووي الإيراني وتؤثر على الدور الرسمي للحكومات العربية خاصة بعد اتفاقية السلام العربي الاسرائيلي.

سعتت إيران إلى الصدارة الشعبية فيما يخص القضية الفلسطينية خاصة بعد صناعة الكاهن حسن نصر الله كبير كهنة ال البيت العلوي في المنطقة وحزبه وبقية أذرعها من كهنة اليمن وسوريا والعراق.

وكأن لكل بلد من هذه البلدان قصته وحالته الخاصة التي حاولت استهداف النظام السعودي والأنظمة العربية بشكل عام وتشويه حضورها الشعبي بعد سقوط عدد من الدول العربية في اتون الصراعات والحروب والأزمات الداخلية التي كان لإيران وأذرعها دورا محوريا فيها. 

ولأن وسائل التغذية والكراهية التي اتبعتها إيران ضد العرب ترتكز على قواعد ثابته من العنف والتمييز والتعطيل للدولة والتخوين والاسقاط لدى البلدان التي تمكنت من فرض نفوذها عبر اذرعها،إضافة الى التزامها أمام الغرب من بعد حرب العرق وايران بتبني تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير بنشر الفوضى الخلاقة في المنطقة العربية والأفريقية أيضاً.

انكشف المشروع الإيراني الطامع بعد عقود من تغلغله وفرز سمومه في قلب هذه البلدان، لتبرز دواعي ودوافع التدخل العربي تجاه تدخلات إيران المستمرة في المنطقة.

لقد خلفت التدخلات الإيرانية في المنطقة المستفزة موجة استياء شعبي عربي يطفو إلى السطح كلما استجدت مناسبة وظهر حدث يظهر حالة العداء والرفض الشعبي للتدخل الإيراني في الدول العربية، ولم يكن الربيع العربي الذي هتفت له ملايين الجماهير العربية الشابة سوى محطة سبقت عاصفة الدمار الايراني كما أظهرت النتائج. 

على مستوى القضية الفلسطينية يمكننا اعتبار أن أكبر دعم قدمه الملالي للقضية هو فصلها عن واقعها ومحيطها العربي،و اختزال القضية بكل أبعادها التاريخية والسياسية بفصائل وحركات اخترقتها ودعمتها وحولتها إلى فصائل وظيفية تجاوزت الذات الفلسطينية وتحولت في عدد من مواقفها إلى نقاط تعزيز للملف النووي الإيراني.

كما كان لتصدر الكاهن حسن نصر الله في لبنان قيادة الممانعة العربية والذهاب نحو التشكيك والمصادرة للادوار اللبنانية المحلية أو العربية الداعمة للبنان أثرها في تعاظم حالة الدعاية لصالح ايران وكهنتها في المنطقة.

لقد كانت لحظة السقوط لوهم الممانعة والمقاومة التي تبناها  الكاهن حسن، أشد تأثيرا ووقعا لدى جمهور الممانعة العربي الذي اعتبر اعتراف الكاهن حسن نصر الله بأسرائيل كدولة وترسيم الحدود اللبنانية الإسرائيلية سقوطا للمشروع الايراني المقاوم على اعتبار أن مهمة التحرير العربية لفلسطين محورية في السياسة الإيرانية يتصدرها الكاهن حسن نصر الله الذي خيب آمال جماهيره التي قامر بحماسها الأهوج ورضخ لشروط الوسيط الأمريكي ليتقبل خارطة الحدود البحرية التي رسمت وكتبت بأقلام إسرائيلية، بعيداً عن شعار الموت لأمريكا وإسرائيل وهيهات منا الذلة. 

للأسف لم يستثمر الإعلام العربي حالة السقوط السياسي والتراجع المعياري في منسوب القيم والمبادئ الوطنية والتحررية التي كان يدعيها الكاهن حسن وسدنة مشروعه المرتبط مباشرة بإيران في بيروت واليمن وغيرها من البلدان والقنوات والمنابر العربية التي سعت دائما إلى تشويه النظام العربي واستهداف انظمة الحكم العربية وتحويل الرأي العام العربي الى حالة عداء وجداني مع المملكة العربية السعودية.

والسعي نحو إضعاف الدولة الوطنية وعرقلة جهود الحكومات المحلية فيها وخلق الأزمات والحروب الداخلية لصالح مسار إيراني يوجد نفسه وسط حالة من اللاوعي العربي الرسمي بمهددات الواقع الإيراني المعقد المستثمر في مسارات الإخفاقات العربية المتعددة. 

وعلى الرغم من محاولات إيران النفاذ الى المجتمع والدولة العربية من خلال تبني الخطاب التحرري الذي تتوق له شعوب المنطقة إلا أن هذا التأثير فقد عمقه ومصداقيته واصطدم بحقائق فاضحة إدانة السياسة الإيرانية وأفقدتها بوصلة القدرة على التأثير الجماهيري. 

ففي العراق سقطت الشعبية الايرانية المتغلغلة في المشهد العراقي التي تبنت شعار مقاومة المحتل الأمريكي وانفضحت تلك السياسات وأصبح الرصيد الشعبي لإيران فيها متدني للحد الذي فرضت إيران حضورها كنظام مليشاوي وعصابات انتهازية ترتكب الجريمة وسرقة الثروة العراقية بأيدي قوات  مليشياتها واحزابها المعممة بولاية الفقيه لفرض الواقع الايراني على المشهد العراقي بالقوة، ليتكرر المشهد ذاته بأبعاده الطائفية في سوريا ايضا. 

وفي اليمن سقط المشروع الإيراني شعبيا وبرزت الأوجه الخبيثة لهذا المشروع الذي يغلب مصلحة إيران على مصالح الشعب العامة. 

بحيث ظهرت اليمن كحقل تجارب للسياسات الامنية والاستخباراتية والعسكرية والتكنولوجيا والتسليح الايرانية التي عمقت من حالة الحرب،  وأحدثت انفصال بين قيادة التمرد كهنة المليشيات وبين الشعب الذي وجد نفسه محروما من حقوقه الطبيعية في وطنه معزولا عن محيطه العربي يدفع ثمن التبعية المطلقة لإيران. 

ويمكننا اختبار حالة الرفض الشعبي العربي للتدخل الإيراني و ممارسات النظام الإيراني من خلال التأييد الشعبي العربي لمجريات الثورة الشعبية في إيران وحركة التظاهرات التي علق عليها الجمهور العربي آماله بسقوط نظام الملالي كهنة الحكم العنصري السلالي الحاكم. 

لقد كانت الجماهير العربية دائما بحاجة ماسة الى قيادة عربية تتولى قيادتها الثقافية والاعلامية وتتبنى ولو جزءً من الطموح الشعبي تجاه القضايا العربية. 

لذا نجدها في كل مناسبة تعبر عن حاجتها  للربط  المعنوي المشكل للهوية العربية الجامعة التي  تتصدى وتواجه من خلاله المشروع الإيراني، بعيد الانتماء عن الأمة العربية والعميق في الحضور القسري المؤثر على الواقع العربي اليوم.

بالأمس شاهدنا عمق الترابط الشعبي للوجدان العربي المشترك الذي طغى معبراً عن آمال عربية شعبية حضرت بقوة عقب فوز المنتخب السعودي في مباريات كأس العالم على الأرجنتين. 

لم يكن احتفال العرب بالفوز السعودي على الأرجنتين متأثرا بأي دوافع أخرى غير شعور العروبة والانتماء فليس للشعب العربي أي مشكلة أو خلفية تجعل من فرحته لفوز المنتخب السعودي نكاية بالارجنتين كدولة بل بالكرة العربية كرمزية للانتماء والحلم العربي المشترك.

على السعودية من خلال مشاهد الاحتفال العربي بنصر فريقها الرياضي أن تؤسس لعلاقة شعبية وترابط هوية جامعة للملكة كنظام وشعب وتاريخ متكامل مع شعوبنا العربية من الخليج الى المحيط، ومع الشعب اليمني على وجه الخصوص الذي تمرد لحظة متابعته للمباراة على محاولة التخدير والتحريض الحوثية ضد المملكة والانتقال من حالة العدائية والتحريضية تجاهها إلى جارة وبلد عربي أصيل يحتفل بها علانية.

لقد تحولت صالونات المتابعة في مناطق سيطرة الحوثي للحدث الرياضي العالمي إلى مساحة للتصفيق والاحتفال والرقص بالنصر السعودي باعتباره نصراً عربيا أثلج صدور كل اليمنيين.

إن الرسائل التلقائية التي أظهرت نفسها من خلال مونديال قطر2022م، تدفعنا إلى التركيز على حالة القبول والترابط الشعبي العربي والحفاظ عليه. 

تأتي أهمية التفريق بين نظام يمتنع لاعبيه من ترديد نشيد دولتهم الخميني احتجاج على العنف والقتل والتكميم التي تمارسه هذه الدولة ضد شعبها واعني هنا نظام الكهانة الايراني في مواجهة الثورة الشعبية، مقابل الفرحة الغامرة للشعب العربي الذي يصطف في طابور عريض من الخليج الى المحيط رافعاً للعلم السعودي ويحتفل بهذا النصر في إطار تنامي حركة الوعي الشعبي العربي الذي يفترض ان ترعاه مبادرات حكومية واسعة.

إننا نعيش صراع ثقافات صراع انتماء وهويات، ولابد لهويتنا العربية أن تنتصر فهل تفعلها كرة القدم وتدفع قادة الحكم والرأي العربي لركل المشروع الإيراني الهاشمي الطائفي بعيداً عن ساحة ملاعبنا العربية الموحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى