ٱ. عبدالهادي العصار
جاء إعلان الهدنة الإنسانية في اليمن بإشراف الأمم المتحدة ليعطي بصيصاً من الأمل لوقف الحرب ، وبالرغم من ان هذه الهدنة تعد أول هدنة يتم فيها وقف كافة اشكال القتال ، إلا أنه إلى اليوم لم يتم الالتزام بتنفيذ بنودها من قبل ميليشيات الحوثي والتي تنص على وقف كافة الأعمال القتالية ، وفتح الطرقات في تعز وبقية المحافظات اليمنية وتسليم خرائط الالغام وكل بنود الهدنة الإنسانية .
لقد تابعنا ومعنا الكثير من المهتمين بالمشهد والملف اليمني. ما رافق الأيام الاولى من اعلان الهدنة ودخولها حيز التنفيذ من خروقات وتحركات عسكرية من قبل ميليشيات الحوثي الانقلابية بمناطق مختلفة، كالقيام بإطلاق القذائف واستهداف الأحياء السكنية، وإرسال الطيران المسير والتجسسي اتجاه المواقع العسكرية ومناطق سيطرة القوات الحكومية والمدن والبلدات وتجمعات المدنيين في مأرب وتعز والجوف وغيرها من المناطق بالإضافة إلى زراعة الالغام واستحداث المتارس والخنادق في مختلف الجبهات ،وعلاوة على ذلك يشاهد ان الميليشيات الحوثية لم تتوقف عن تحركاتها العسكرية منذ إعلان الهدنة حتى هذه اللحظة ،وهي تقوم بحشد قواتها العسكرية والدفع بها نحو جبهات مأرب وشرق الجوف، وتجاه محافظة البيضاء ومحافظة تعز ، وكل ذلك يحدث وسط تعنت حوثي صارخّ لكل بنود الهدنة الإنسانية الأممية.
وبهذا تكون الميليشيات الحوثية الانقلابية تعد لحرب قادمة أكثر شراسة لتستغل تمديد الهدنة لإعادة صفوفها وترتيب قواتها .
وبالرغم من الترحيب والارتياح الشعبي للهدنة، والتمني بتحقيق السلام في اليمن إلا أن المؤشرات اليوم على أرض الواقع عكس ما تمناه الشعب اليمني ويحلم به، فلغة السلام مع إبقاء ميليشيات الحوثي بقوتها العسكرية واستمرارها في السيطرة على الأرض لن تحل مكان لغة الحرب ، وهذا مؤشر مهم لتحقيق السلام في اليمن، ولكن لا بوادر حقيقية حتى الآن توحي باستمرار الهدنة وإنهاء الحرب.
أن مستقبل السلام في اليمن لن يتحقق مع التعنت الحوثي الذي يحاول استغلال هذه الهدنة الهشة لتقوية سلطته الانقلابية .
أن السلام الحقيقي سيتحقق مع إنهاء الانقلاب وإضعاف قوته العسكرية ومع استعادة مؤسسات الدولة وبسط نفوذها على كل الأراضي اليمنية.
أ/ عبدالهادي العصار – كاتب ومحلل سياسي في مركز البحر الأحمر للدارسات السياسية والأمنية