على عكس توقعات معظم المحلليين عندما بدأت حركة الاحتجاجات الشعبية في إيران على أثر مقتل “مهسا اميني” في مقر للشرطة في منتصف سبتمبر تشرين أول الماضي حينها أخفق معظم المحلليين في قدرت صمود المحتجين.
سجلت الأنتفاضة صمود زمني تجاوز الشهرين واستخدم النظام أكبر قدر من القمع ويقارب عدد قتلى الأنتفاضة من المحتجين 400 مواطناً إضافة إلى آلاف المحتجزين.
ويمكن ملاحظة أن هذه الأحتجاجات هي أطول احتجاجات من حيث الزمن منذ قيام ما يسمى بالثورة الأيرانية ووصول الملالي إلى السلطة قبل أربعة عقود ونيف.
ومن الواضح أن الأنتفاضة تعبر عن تراكمات خفية في العقل الجمعي للشعوب الأيرانية، وتعبر عن تقييم لمرحلة الثورة ونظام حكمها الكهنوتي خلال أربعة عقود.
ليست مهسا اميني إلا عود ثقاب أشعل الأحتقان الشعبوي الإيراني الذي بات يرى أن النظام ومنهجيته الكهنوتية غير قادرة على الولوج بالشعوب الأيرانية إلى مستقبل يليق بإيران.
والأسواء من ذلك ان النخبة في إيران تعتقد أن النظام سوف ينحر إيران ويعرض مستقبلها للخطر.
وتأتي قناعة الأيرانيين من خلال سؤال منطقي، وهو عدم قدرة نظام الثورة على التحول إلى دولة ومغادرة مربع الهرطقة الثورية، أن مثل هذا التفكير يشمل تيارات داخل النظام، وفي العقدين الأخيرين فقد المعتدلون داخل النظام أي أمل في الأصلاح.
فلا غرابة أن تتحول الأنتفاضة الشعبية بعد شهرين من الصمود أمام أعتى آلة قمعية إلى أستهداف رمزية النظام ( المرشد – والعمامة – والحوزة) ولا يمكن لهذا الصمود أن يستمر أمام آلة القمع الإيرانية المتوحشة دون دعم قوي من الداخل الأيراني وليس من الخارج كما يدعي النظام.
الأنتفاضة الشعبية في إيران تجاوزت المرحلة الجنينية، وكسرت حاجز الخوف وأفقدت آلة القمع فاعليتها وهيبتها، ودفعها الصمود والنجاح إلى الإعلان عن هويتها من خلال استهداف رموز النظام بمعنى أدق حددت هدفها بدقة وهو إسقاط النظام ورموزه ومنهجيته الكهنوتية القائمة على خرافة تثوير التاريخ، في سابقة ثورية مخالفة لقواعد التطور البشري حيث تنطلق الثورة من الحاضر نحو مستقبل أفضل هكذا تعارف العالم على مصطلح الثورة، لكن ثورة الخرافة الأيرانية، تم خطفها من ثوارها الحقيقين لتذهب إلى كهوف التاريخ وتثور في التاريخ، وبالتاريخ فهي تعتبر انحراف في تاريخ التطور البشري لذلك كانت كلفتها مرتفعة على شعوب المنطقة.
يعتمد النظام في طهران في بقائه على دوره الوظيفي في الأقليم بعيداً عن أي رضى شعبي، وبالنسبة للنخب في إيران ترى أن هذا الدور يقوم على منهجية دينية رجعية وأنتجت الفقر والموت والقمع مع مخاطر مستقبلية قد تفضي بالشعب الأيراني إلى هاوية سحيقة قد تخرجه كلياً من التفاعل الحضاري في المستقبل.
يغض المجتمع الدولي الطرف عن القمع الإيراني في الداخل وممارسة تصدير العنف والإرهاب للجوار ، ويمارس المجتمع الدولي ازدواج معايير واضحة.
مع ضخامة القمع والتوحش الذي يمارسه النظام ف بلكاد أصدرت الجمعية العامة قرار غير ملزم يدين سلوك إيران وممارستها القمعية، أما مجلس الأمن فهو مغلق تماماً أمام ضحايا القمع الأيراني.
ولو رجعنا بالذاكره إلى العام 2011 لعمل مقارنة بين سلوك الأمم المتحدة ومجلس الأمن مع انتفاضات الربيع العربي وسلوك مجلس الأمن والأمم المتحدة مع ما يجري في إيران سوف تتضح المعايير المزدوج.
من الواضح ان المجتمع الدولي يخضع لأبتزاز إيران وأرهابها، وسوف يدفع الجميع ثمن السكوت عن الأرهاب الايراني.
إن نظام المرشد يدوس على القيم التي ازعجنا المجتمع الدولي بالدفاع عنها، ومن جهة أخرى يمارس الإرهاب من خلال موقعه الجيوسياسي مع توابعه الذنبية وتهديداته المتكررة لخطوط الملاحة وأمن الطاقة.