أوراق علميةالإصداراتتحليلاتتقاريرمنتدياتورش عمل

قراءة سياسية معمّقة لكتاب “وجاء دور المجوس: الأبعاد التاريخية والعقائدية والسياسية للثورة الإيرانية”

كتب- الدكتورة لمياء الكندي

قدّمت الدكتورة لمياء الكندي – الأكاديمية والباحثة في الشؤون اليمنية والإقليمية لدى مركز البحر الأحمر للدراسات، قراءة سياسية معمّقة لكتاب “وجاء دور المجوس: الأبعاد التاريخية والعقائدية والسياسية للثورة الإيرانية”، من تأليف الدكتور عبد الله الغريب.

يسلط هذا الكتاب الضوء على العديد من الحقائق والشواهد التي تكشف عن الأبعاد العقائدية والسياسية للثورة الإيرانية. وتأتي هذه القراءة السياسية، التي أصدرها مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية، لتفند وتؤكد صحة التحليلات الواردة في الكتاب، مما يعزز أهميته كمرجع لفهم الجوانب الخفية لهذه الثورة.

تقول الدكتورة لمياء:
تعتبر الثورة الإيرانية 1979، من أكثر الثورات السياسية جدلا وأعمقها تأثيرا على الاحداث في المنطقة العربية وخاصة في الخليج العربي ودوله.

شكلت الثورة الدينية المجنحة ببعدها السياسي والايديولوجي في أيران تهديدات جيوسياسية على محيطها العربي، كونها وضعت في عقيدتها مبدأ تصدير الثورة التي استوحت بعض ادبياتها من المنهجية السياسية لما عرف بالحاكمية لدى الأخوان المسلمين في مصر، إضافة إلى الموروث الفقهي للشيعة الاثنا عشرية الجعفرية التي تعرضت للتجديد على يد المرشد الأول للثورة خامنئي وأصبح المذهب الجعفري ليس فقط مذهب الدولة في أيران بل كان دين الدولة الذي يجب نشره وحشد الطاقات الدعمة لهن وانتزاع حقوق المنتمين للمذهب خارج أيران بطرق عدة عبر الدعم والتمكين وصولا لما يمكن ان نسميه استاذية العالم ولكن بمذهبا شيعيا خالص.

تتبع الدكتور عبدالله محمد الغريب في كتابه “وجاء دور المجوس الأبعاد التاريخية والعقائدية والسياسية للثورة الإيرانية”، ليضعنا أمام الأبعاد الخطيرة لهذه الثورة محاولا كشف ماهيتها التاريخية والعقائدية والسياسية لبناء تصورا مضادا او محورا مضادا لهذه الثورة متى ما تسنى لنا فهم واقعها وأهدافها شارحا كيف انعكس الأثر التاريخي والعقائدي المكون للهويه الفارسية في صياغة مستقبل سياستها في المنطقة، وكيف تم الزحف التاريخي للسياسة الفارسية على الدولة الإسلامية والمجتمعات العربية التي واجهت بدون وعي منها مخاطر زراعة طوائف شيعية فارسية تم تعريبها واعدادها بعناية لتقوم بمهمتها في تغيير الواقع العربي من منطلقات ديمغرافية وسياسية ومذهبية يتم تحضيرها لتلعب دورا مؤثرا لصالح إيران لاحقا، هذا الدور الذي عبر عن نفسه عقب نجاح الثورة الإيرانية التي بدأت في عصر ثمار التسلل التاريخي للفرس في الدولة والمجتمع العربي.

ويبين لنا المؤلف في مقدمته الأسباب التي استدعته لكتابة هذا الكتاب، وهو مالقته هذه الثورة من التفاعل والترحيب لدى معظم الحركات الإسلامية والمنتمين لها، إضافة إلى إبانة الخلل العقائدي في المذهب الشيعي وجنايتهم على أهل السنة، وذلك من أجل كشف الحقيقة وهتك أسرار الباطل وأهله.

يستهل الدكتور عبدالله الغريب في الباب الأول من الكتاب المعنون بـ” نظرات في تاريخ إيران”، إلى الحديث عن ايران قبل الإسلام ما يعني التعريف بالديانات الفارسية قبل الإسلام ( مزدا، الزرادتشية، المانوية، المازدكية)، وتجدر الإشارة أن الحديث عن الديانات الفارسية قبل الإسلام والمذهبية الطائفية بعده كان مهما.

فإيران قديما وحديثا كانت ولا تزال تقدم نفسها على أنها دولة دينية لا يمكن فيها فصل الدين عن السياسية، واكتسب رجال الدين امتيازاتهم الخاصة، فقد كان رجال الدين فيها ولا يزالون هم الموجه الحقيقي لسياسات الدولة وتوجهاتها العسكرية التوسعية من العهد الامبراطوري وحتى عهد الثورة الخمينية وما بعدها، وينوه الكاتب الى ضرورة التفريق بين الفرس والمجوس الذين كادوا للإسلام وتأمروا عليه والفرس الذين دخلوا في دين الله وحسن إسلامهم.

وفي الفصل الثاني من هذا الكتاب يبين لنا الكاتب موقف الفرس من الإسلام ليستعرض لنا مؤامرات الفرس بعد الفتح الإسلامي بداية باغتيال الفاروق عمر بن الخطاب، الى البحث وراء تشيع المجوس لآل البيت، و يرى الكاتب أن ذلك التشيع يأتي ضمن تأثيرات العقائد الفارسية القديمة التي كنت تدعي تجسد الآلهة في السلالات الملوكية التي حكمتهم، ومن هذا المعتقد تم الترويج العقدي بأن آل بيت رسول الله هم ظل الله في الأرض وأن أئمتهم معصومون وتتجلى فيهم الحكمة الإلهية.

ويعرج الكاتب الى ذكر الدويلات الشيعية منذ القرن الثالث الهجري، هذه الدول التي كان قيامها ناتجا عن إنهاك دولة الخلافة الإسلامية، التي استغل المجوس ضعفها، فشجعوا على قيام الدول الشيعية كدولة بني طاهر في خرسان التي كانت اول انقسام عرفته الخلافة الإسلامية في العصر العباسي، ثم قيام القرامطة في الاحساء والبحرين واليمن وعمان وفي أجزاء من بلاد الشام، إضافة الى الدولة البويهية في العراق وفارس وسائر بلدان المشرق، وينسب الى البويهيون سنة 352 قيامهم بإغلاق الأسواق في يوم العاشر من محرم وتعطيل البيع ونصب القباب فيها، وخروج النساء يلطمن وأقيمت النائحات على الحسين، وتكرر ذلك في زمن الديالمة وهذه الحادثة ظهرت لأول مره في تاريخ بغداد وهي من الأمور التي لم تعرفها العرب لا في الجاهلية ولا في الإسلام، غير انها أصبحت عرفا ومناسبة دينية مهمة عند الجعفرية الامامية، ثم ظهر العبيديون في مصر والشام وجميعها دول قامت على الفكر الشيعي واسستها اسر فارسية.

وكان اخطر المشاريع الفارسية في الوطن العربي تاسيسهم للطائفة الدرزية، والنصيرية في بلاد الشام، فمحمد بن نصير مجوسي فارسي من موالي بني نمير، وكان النصيريون سببا في احتلال النصارى لبلاد الشام وسقوط بيت المقدس، كما كانوا عونا للتتار ضد المسلمين واعتمدت عليهم فرنسا عندما احتلت بلاد الشام، اما الطائفة الدرزية فقد أسسها حمزة بن علي الزوزني فارسي مجوسي من مقاطعة زوزن في ايران، ومن اشهر تلامذته حمزة بن محمد بن اسماعيل الدرزي والية تنسب الطائفة الدرزية في سوريا ولبنان وفلسطين، إضافة الى تشكيل طائفة البهائيين، ومؤسس هذه الفرقة ميرزا علي محمد الشيرازي الذي ظهرت دعوته في فارس 1802واصطدمت دعوته مع طموحات الشاه الذي قرر إعدامه، الا ان دعوته استمرت واختار لها بهاء الله ….. لقيادة الطائفة من بعده وبه عرفت بالبهائية وللبهائية سلطان واسع في إيران.

ويناقش الباحث في الباب الثاني من هذا الكتاب “عقائد الشيعة”، تناول فيها عقائدهم بين الماضي والحاضر، واستهلها بالحديث عن لمحات عن الثورة الإيرانية وموقف الإسلاميين منها حيث يعتبر الكاتب ان الثورة الإسلامية في ايران امتدادا لحركة الاخوان المسلمين في البلدان العربية، وحركة المودودي والجماعات الإسلامية في باكستان والهند، والحركة الإسلامية في اندونيسيا وهو ما ستنكره الكاتب وعابهم عليه كون اختلافنا مع الرافضة ليس اختلاف سياسي وحسب بل هو اختلاف في أصول العقيدة والدين كقول الشيعة الجعفرية بالزيادة والنقصان في القران الكريم، وهذا الامر وثقته كتبهم ووثقه علماء الأصول عندهم.

ومن جملة مخالفتهم لعموم المسلمين قولهم انهم مؤمنون بالقرآن لكنهم احتفظوا بحق فهمه وتفسيره وقولهم بخلق القرآن، إضافة الى اختلافنا معهم في الأصل الثاني من أصول الإسلام، (السنة النبوية)، حيث لا يؤمن الشيعة بالأحاديث التي وردت في صحيح البخاري ومسلم، اضافة الى اعتقادهم بعصمة أئمة آل البيت، وبكفر الصحابة رضوان الله عليهم، واعتقادهم بالتقيه، وتعظيمهم للمشاهد والقبور التي يعظمونها، وقولهم بأن الركن الثاني في الإسلام الايمان بالنبوة والامامة أي الايمان باثنا عشر اماما معصوما.

وفي المبحث الثالث من هذا الباب يسرد لنا الكاتب نماذج من اقوال علماء الجرح والتعديل في الرافضة، حيث يقول: ” وكان لسلفنا الصالح من التابعين وأئمة المذاهب وعلماء الجرح والتعديل رضوان الله عليهم جولات مع القادة المؤسسين للمذهب الشيعي، وهذه الجولات اغنت المكتبة الإسلامية بأنفس الكتب واصح الآراء”، واختار منها بعض الآراء كالشافعي وابن تيمية وغيرهم، ويرى الكاتب أن شيعة اليوم اخطر على الإسلام من شيعة الامس ويصف الخميني بأنه زعيم شيعي متعصب لمذهبه حيث اغفل في جميع كتبه وخطاباته موضوع التعاون مع السنة او الاندماج معهم، وذهب الى التأكيد على ضرورة إقامة الحكومة الإسلامية الشيعية.

وكنوعا من أنواع المواجهة الفكرية التي استهدف من خلالها الكاتب محاولة إيقاظ العقل العربي السني المنبهر من شخصية الخميني والمتفاعل مع ثورته الإسلامية وبالأخص من قبل الإسلاميين المتأثرين بالخطاب الديني والدعوي الطامحين الى الحكم والتمكين في بلدانهم ونقل التجربة الإيرانية اليها، وجه الكاتب اليهم مجموعة من الاختلالات العقدية لدى الخميني وذكر موقف الخميني تجاه العديد من المسائل والمواقف كإيضاح مصادر الخميني في التلقي، وموقفه من القرآن، والصحابة، وتصنيفه لأعداء الامة، وموقفه من قضاة المسلمين والنواصب، وعقيدته في التولي والتبري والإمامة واعتباره نائبا عن الإمام المعصوم، وتعطيل الجهاد إضافة الى ما اعتبره الكاتب بشذوذات الخميني الفقهية.

وبهذه المسائل يكون الكاتب قد انتهى من شرح البنى الفكرية والعقدية والتاريخية التي أسهمت ننفي بناء الذات الشيعية وتشكلت من خلالها ثورة ايران الإسلامية لينتقل الكاتب بعدها مباشرة الى الجانب الأهم في نظري من هذا الكتاب وهو مناقشة الثورة الإيرانية في بعدها السياسي لما له من ارتباطات سياسية وايضاحات حول الأبعاد والمخاطر التي شكلتها الثورة الإيرانية على النظام العربي ككل، وهو ما سنتناوله في التتمة الثانية لهذا الموضوع ان شاء الله.

ملاحظة:

قد يشعر القارئ المثقف والمطلع اثناء قراءته لهذا الكتاب انه كتاب غير مهم نظرا لأسلوب الكاتب المبسط في عرض المعلومات، او اعتماده على الأسلوب الخطابي والوعظي الذي جرى عليه مجموعة من الكتاب الدعاة، وكان هذا رأيي في الكتاب أيضا، إلى ان تعمقت في قراءته واستخلصت اهم نقاط العرض وصولا الى الباب الثالث والأخير حيث تنكشف للقارئ سلسلة من المعلومات المهمة حول الدور الإيراني في الخليج العربي والعراق وبلاد الشام وامتدادات هذا الدور الى دول المغرب العربي ونهجمهم في تغيير البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع العربي لصالح ايران، حيث اتبع الكاتب من خلالها عرض ذكي في

نقل المعلومة يمكننا من خلالها رصد السياسة الإيرانية منذ مطلع ثورة 1979وحتى الاحداث الأخيرة من عام 2024 وسقوط حزب الله في لبنان ونظام بشار الأسد في سوريا وتكوين صورة حول مسلسل العنف الشيعي وتغلغله في المنطقة

الجزء الثاني والأخير . 2-2

يذهب الدكتور عبدالله الغريب في كتابه هذا إلى تحليل الارتباطات السياسية الامريكية الداعمة للثورة الإيرانية، وفق العديد من الشواهد نذكر منها: التواجد الأمريكي الكبير في أيران قبل قيام الثورة حيث يصل عددها الى أربعين الف عسكري امريكي، يعملون كخبراء وقادة في وزارتي الداخلية والخارجية وفي دوائر الامن ” السافاك”، وشركات النفط وغيرها ولهم مطلق الحرية.

ولم يكن من المفاجئ للتواجد الأمريكي الكبير فيها قيام الثورة او نفي تنسيق العلاقات التي مكنت نظام الخميني من القيام بها، خاصة وقد ظهرت طومح الشاة باستعادة الإمبراطورية الفارسية وتحضيرها لتكون الدولة السادسة من حيث القوة في العالم، فقد مضى الشاة نحو تحديث الجيش الإيراني وتسليحه وزاد الانفاق عليه، ووثق علاقات جديدة مع الاتحاد السوفيتي إضافة، الى تبني سياسات خاصة حول زيادة أسعار النفط وعدم زيادة الإنتاج مما أدى الى اثارة مخاوف شركائه الأمريكيين، التي كانت كافية كي تلعب المخابرات الامريكية المتواجدة في ايران دورها في الاضطرابات التي شهدتها المدن الإيرانية، وهذا ما أكده الشاه في تصريح لمجلة التايمز الامريكية حول وكالة الاستخبارات المركزية التي قال انها بدأت منذ 15 عام بإقامة اتصالات مع المنشقين و يتهم الشاه وكالة المخابرات الامريكية بأنها وراء الإطاحة به.

ويفسر الكاتب ظهور حالة من العدائية في الخطاب الرسمي للخميني وقادة ثورته بنها كانت جزء من برامج الدعاية الثورية التي يعتمدها قادة العالم الثالث في التبرير لثوراتهم وانظمتهم الحاكمة لتحريك الشعوب بشعارات مخدرة.

يقف بنا الكاتب في احدى محطات هذا الكتاب عند الحديث عن الثورة الإيرانية ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث أضاف الخميني الى شعارات ثورته لافتة تحرير فلسطين والتنديد بمؤتمر جنيف وكامب دايفد والقدس، وكان ياسر عرفات اول من يزور طهران مهنئا متحدثا ان ثورة ايران ليست ملكا للشعب الإيراني فقط، انها ثورتنا أيضا ونحن نعتبر الخميني قائدنا ومرشدنا، وهنا يتسأل الكاتب الى متى يظل الفلسطينيون سلما للزعامة في العالم العربي؟

وكان الموقف الفعلي لإيران خارج الشعارات ما أخبر به الخميني ياسر عرفات اثناء زيارته الأولى الى طهران “ان إيران ستقوم بدورها في القضية الفلسطينية عندما تتخلص من تركة الشاه”، واعتذار آية الله شر يعتمداري عن تقديم مساعدات للقضية الفلسطينية نظرا لان إيران تمر الآن في ظروف حرجة. وقد ارتبط الموقف الإيراني بعد الثورة من القضية الفلسطينية بمجموعة من التطورات المعقدة التي فرضها الحضور الإيراني في سوريا ولبنان.

وفي الفصل الثاني من الباب الأخير في هذا الكتاب يتحدث الكاتب عن ” أطماع الرافضة في الخليج العربي”، والمؤامرة التي يعدها الخميني لابتلاع الخليج، ومنها الحديث على ان البحرين جزء من ايران، ويعتبر الكاتب ان الاطماع الفارسية بالخليج العربي لها أصول تاريخية ومنها مطالبة ايران من بريطانيا ملكيتها للبحرين من عام 1832م، وتمسكهم باتفاقية حاكم شيراز مع وليم بروس الحاكم العام البريطاني في الخليج التي تعترف بان البحرين تابعة لإيران لكن هذه المعاهدة لم ترى النور لعدم توقيع الشاه وحكومة الهند البريطانية عليها.

ويعتبر الشعور السائد لدى جميع الحكومات الفارسية المتعاقبة ان الخليج الفارسي من بداية شط العرب الى مسقط بجميع جزره وموانيه تنتمي الى فارس بدليل انه خليج فارسي وليس عربي.

وفي 11\ 11\ 1958 أعلنت إيران الحاق البحرين بالتقسيمات الإدارية لإيران معتبرة إياها المحافظة الرابعة عشرة.

إضافة الى وقوع مناطق الاحواز العربية من عام 1925م وحتى الان تحت سيطرة الحكومات الإيرانية المتعاقبة التي ترى ان الاحواز جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية، وذات الامر ينعكس على الجزر العربية المحتلة التابعة لدولة الامارات العربية.

ويؤكد الكاتب على عقيدة الثورة الإيرانية في محاولات استهداف دول الخليج اما عن طريق الاحتلال المباشر كما حدث مع الجزر الإماراتية والاحواز او عن طريق التهديد بالقوة كما يحدث في البحرين، ويؤكد الكاتب ان إيران وضعت خطتها للتعامل مع الخليج خلال نصف قرن وبالأخص بعد الحرب العالمية الثانية، ووضعوا لتحقيق أهدافهم الخطط التالية:

1- التعاون مع الانجليز

2- إقامة صلات قوية مع شيوخ القبائل

3- احتكار بعض الاعمال في الخليج: كسيطرة التجار الإيرانيين على عدد كبير من الشركات التجارية ومحاولتهم السيطرة على حركة البيع والشراء في الأسواق، وامتلاك أكبر مساحة ممكنة من العقارات السكنية والأراضي الزراعية، وجميعها وسائل ترسخ التواجد الإيراني في العمق المجتمعي لدول الخليج.

4- التسلح: حيث تنشط تجارة الأسلحة بين الجاليات الإيرانية وتخزينها

5- دور الحسينيات: حيث اتخذ الإيرانيون من الحسينيات مراكز لانشطتهم المريبة.

6- العقارات: يهتم الإيرانيون بشراء العقارات العامة في الخليج ويختارون المناطق والأماكن الحساسة داخل المدن.

7- الجنسية: خطط الإيرانيون والرافضة بشكل عام من اجل الحصول على الجنسية في الخليج، مستغلين الفراغ الذي كانت تعيشه المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، مع تساهل شيوخ الخليج في منح الجنسية.

وكنتيجة لهذه الخطط تكاثر التواجد الإيراني اما عبر المجنسين او العمال او من خلال اتباع المذهب الذين تصل نسبتهم في البحرين الى 50%، وتقارب نسبتهم في دبي 70%، وتقارب نسبتهم في امارة الشارقة 50%، وفي راس الخيمة تقارب نسبتهم 20%، ونسبتهم في الكويت تصل الى 20%، اما في المملكة العربية السعودية فالرافضة المتواجدون فيها في بعض مدن المنطقة الشرقية وبشكل اخص في الاحساء والقطيف.

ويؤكد الكاتب على ان الشيعة في الخليج قد بدأوا بالتحرك فور نجاح الثورة الإيرانية، فنظموا صفوفهم من جديد، ووزعوا بينهم الأسلحة، وطالبت إذاعة عبدان بتحرير مكة قبل تحرير القدس، ورفضت الحكومة الإيرانية المعينة التخلي عن الجزر العربية المحتلة، واكد المسؤولون في إيران على ان الخليج فارسي وان الشواطئ التي على ضفتيه شواطئ فارسية.

ويتحدث الكاتب أيضا عن الأطماع الإيرانية في العراق هذه الاطماع التي تغذيها جملة من العوامل التي تبرر لطهران واتباعها حق التدخل في العراق والعمل على اضعافه كون قوة العراق تشكل تهديدا حقيقيا لإيران، فالعراق وراء ثورة الاحواز وهو وراء ثورة الاكراد ضدها، وكانت بوادر الحرب العراقية الإيرانية تتزايد كلما اظهر العراق تماسكه في وجه المؤامرات الإيرانية وحلفائها في المنطقة وخاصة النظام البعثي في سوريا ومحاولة الإطاحة بالرئيس العراقي احمد حسن البكر ونائبه صدام حسين في 1979م، على ان تعلن دولة الوحدة بين سوريا والعراق التي يرأسها حافظ الأسد وتكون عاصمتها بغداد وفي حال نجاح الانقلاب تكون ايران قد ضمنت توسع فعلي لنفوذها في المنطقة عبر احتوائها الكلي للعراق وسوريا، ليشكل ذلك مقدمة نحو ضم المزيد من المساحة واسقاط المزيد من الدول تحت وصاية النظام الثوري في طهران، وكشفت العراق هذه المؤمرة وتعاملت معها بحزم وانتهت تلك المؤامرة بإعدام 21 متهما والحكم بالسجن على 20 اخرين جميعهم كانوا من كبار المسؤولين بالدولة، ويرجع الكاتب السبب وراء محاولة الانقلاب هذه قدرة الشيعة على التغلغل في الأحزاب لغرض الانقضاض عليها، وخاصة حزب البعث كما حدث في سورية ومن الالطاف بحزب البعث في العراق كشفه للمؤامرة قبل حدوثها.

لقد وثق قادة الثورة في ايران علاقتهم مع النظام الطائفي في سوريا وكانوا يعدونه من الاجل الإيقاع بالعراق المحاصر شرقا بإيران وغربا بسورية النصيرية.

لقد انتجت تلك العلاقة والاحداث نوعا من العنف الداخلي في سوريا حيث قامت بعض الجماعات المسلحة بالهجوم على الكلية العسكرية بمدينة حلب وكان ضحيتها عدد من الطلاب النصيريين المنتمين الى النظام، وقد نتج عن هذه العملية جملة من الاعدامات وخاصة من شباب الدعوة الإسلامية، ويصف الكاتب معتقلات النظام بانها تفوق على سجون السافاك في ايران ومعتقلات الباستيل، حيث يتم انذار المعتقل بيوم إعدامه ويتم ذلك في الوقت المحدد، ويتوارى القتلة عن الأنظار، وتجد السلطة نفسها عاجزة عن إيقاف هذا المسلسل من العنف وظهرت الأسباب الى اسقاط نظام الأسد كونه سيشكل ضربة قاصمة لثوار الخميني وكان الثوار في سوريا يحتاجون لخمسين عام للتخلص من هذا النظام والكشف عن وحشيته كما حدث عقب تحرير دمشق.

وكانت إيران بشكل دائم عقب ثورتها تؤكد دعمها لنظام الأسد وأنها لن تتخلى عن سوريه وستقف معها لمواجهة الإسلاميين السنة واعتبار ذلك جزء من رد المعروف تجاه حافظ الأسد الذي يظل دينا في عنق الثورة الإيرانية.

عقب احداث العنف التي شهدتها سورية كانت الحكومة الإيرانية تدرس إمكانية ارسال عشرة الاف متطوع إيراني الى جنوب سوريا وكان ذلك الدعم بطلب زعماء الشيعة في جنوب سوريه.

ونشرت الصحف السياسية الكويتية خبر بلاغ الحكومة الإيرانية استعدادها لتقديم كافة الإمكانيات والمساعدات الاقتصادية والعسكرية لمواجهة الاضطرابات في سوريا ونقل هذه الرسالة الى الأسد نائب رئيس الوزراء الإيراني صادق طبطبائي.

وفي 16\ 8\ 1979 قال الخميني انه قرر ارسال قوات إيرانية للمرابطة في سورية وانه حريص على التواجد العسكري المباشر على حدود المواجهة مع إسرائيل،واعلن ما يسمى بأية الله محمد منتظري بان لديه عشرة الاف متطوع إيراني من اجل تحرير القدس سيتم نشرهم في جنوب لبنان والجولان والأردن وسيناء والمناطق العربية التي احتلها اليهود، وأضاف بان سلاح الجو الإيراني سيتصدى للطيران الإسرائيلي اذا حاول التعرض لتلك القوات وان القوات الإيرانية سوف تدخل لبنان رغم انف الحكومة البنانية المتواطئة مع الصهاينة.

كانت ايران تحت لافتة تحرير القدس توثق وجودها في العمق العربي وتعتبر القضية الفلسطينية محرك هذا التواجد الذي اظهر تكامله مع القوى الشيعية الداخلية المسنوده بدعم نظام الأسد لفرض التواجد الإيراني كامر واقع، اما الزعيم الشيعي في لبنان عبدالامير قبلان فقد عارض ارسال قوات إيرانية اليه وهو نفس الموقف لمنظمة التحرير الفلسطينية التي أعلنت انها ليست بحاجة الى الدعم بالمقاتلين، وكانت تنتظر من ايران الدعم بالمال والسلاح وكنتيجة من الردود العربية في سوريا ولبنان والخليج على ارسال قوات إيرانية اضطرت الحكومة الإيرانية الى الإعلان بانها ضد فكرة ارسال متطوعين للقتال الى سوريا ولبنان.

وبعيدا عن تصريحات قيادة الثورة الإيرانية حول ارسال متطوعين كانت الطائرات حافظ الأسد قد باشرت نقل المتطوعين الى دمشق وفيها بدا تدريب المتطوعين الذين شكلوا اسناد حقيقي لدعم السلطة النصيرية ضد الشعب السوري السني.

وتحت عنوان “ماذا وراء تقارب الرافضة مع النصيريين”؟

يرى الكاتب ان شقة الخلاف بين النصيرية والشيعة الجعفرية ليست واسعة وان الثانية امتداد للأولى، وكان للاتصالات قبل الثورة الإيرانية بين الشيعة الجعفرية والنصيرية عن طريق القيادة الدينية في قم والنجف، وكنت تظهر كنوع من التعاون الثقافي والاقتصادي، تطورت بعد ذلك الى لقاءات وزيارات متبادلة بين قيادة البلدين منها زيارة حافظ الأسد الى طهران في 1976، توثقت من خلالها علاقات البلدين بغض النظر عن نوعية النظام الحاكم فموقف ايران قبل الثورة لا يختلف عن موقفها من نظام الأسد بعد الثورة، بل زادت الروابط بين البلدين وبالأخص التعاون بين العناصر الاستخباراتية.

كانت الأوضاع في سورية ولبنان تحكمها أنماط متجانسة من العلاقات والمواقف يدريها الرئيس السوري حافظ الأسد من دمشق، والمرجع الشيعي العراقي الذي تم تجنيسه و القادم الى لبنان من النجف العراقي عام 1956، الذي تمكن من خلال الأموال الشيعية التي قدم بها الى لبنان من تكوين العديد من المؤسسات الثقافية الشيعية والمراكز التعلمية والمعسكرات التدريبية ليشكل لاحقا المجلس الشيعي الأعلى الذي تراسه.

وفي السنوات الأولى للسبعينات أنشأ الصدر حركة المحرمين ووضع لها شعارات براقة كالإيمان بالله والحرية والعدالة الاجتماعية والوطنية، إضافة الى تشكيله جناح عسكري لحركة المظلومين عرفت باسم ” أمل”، وحرص على ان تكون سرية، واعلن الصدر تأييد جناحه العسكري لقوات الجيش العربي اللبناني في الحرب الاهلية، ومع توثيق الصدر علاقاته مع القوى الداخلية في لبنان بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية كان بالتوازي يقوي علاقاته بالنظام النصيري في سوريا.

وبعد المجزرة التي ارتكبها الموارنة في ( الكرنتينا)، هبت جميع القوى المسلمة في لبنان للقضاء على العنف الطائفي لموارنة لبنان المسيحيين، وتمكنوا من السيطرة على جميع المدن اللبنانية وبذات مدافع الجيش العربي المسنودة من تنظيم امل الشيعي من دك قصر بعبدا الذي يتواجد فيه الرئيس سلمان فرنجية الذي فر من قصره، وبات مؤكدا ان لبنان سوف تحكم من قبل القوات الوطنية لولا تدخل النصيريين في سورية بقيادة حافظ الأسد الذي افشل محاولة سيطرة القوات اللبنانية الوطنية على الحكم.

وفور توجه جيش الأسد الى سوريا استبدل موسى الصدر وجهه الوطني الإسلامي بوجه باطني استعماري حيث امر الضابط في الجيش اللبناني بالانشقاق عن الجيش العربي وتأسيس طلائع الجيش اللبناني الموالي لسورية كما انشق عددا من أعمدة الجيش الوطني الذين انضموا الى طلائع الجيش النصيري السوري ونفس الشيء تكرر مع منظمة امل التي أعلنت انضمامها الى الجيش السوري لتمكين شيعة لبنان من الحكم، وارتكبت طلائع الجيش اللبناني جرائم طائفية ضد القوى اللبنانية المخالفة لها بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية المتواجدة في لبنان.

ومن القاهرة أصدرت منظمة التحرير الفلسطينية تصريحها المندد بمؤامرة الصدر على الشعب الفلسطيني، وواجه الفلسطينيون في لبنان على يد الصدر واتباعه نفس المصير الذي واجهوه في سوريا اثناء ثورة الثامن من مارس 1963 عندما تم اعدام عددا كبيرا من الفلسطينيون بحجة ولائهم للناصريين في مصر.

ويسرد لنا الكاتب مشاهد من مسلسل الخيانة للنظام السوري في دمشق وحلفائه في لبنان فقد غدروا بكمال جنبلاط زعيم الطائف الدرزية وقتلوه، وغدروا بمنظمة التحرير الفلسطينية، كما غدروا بحكام العراق، وعلى الصعيد الوطني في سورية سلموا الجولان لإسرائيل 1967 وقدموا لها جيوبا أخرى في حرب 1973، ثم تعاونوا مع أمريكا وموارنة لبنان ضد الوجود الإسلامي السني.

اما ما يخص المقاومة الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير في لبنان فقد دخلت مجموعات الصدر القتالية في حرب مفتوحة ضدها، وطالب قادة الشيعة بإخراج منظمة التحرير من لبنان وكان الصدر اول من طالب بقوات دولية تتمركز في جنوب لبنان، وتمنع نشاط الفلسطينيون المتواجدون في تلك المناطق، بحجة ان لبنان في هدنة مع إسرائيل ونجحت ايران في ان يكون جزء كبير من تلك القوات من قواتها

مما يشكل حضور إيراني قوي فيها، ولمحت منظمة التحرير الفلسطينية الى تعاون الشيعة في الجنوب اللبناني مع الصهاينة وهو ما نفاه المجلس الشيعي الأعلى بقيادة الصدر.

ودفع الفلسطينيون عبر منظمة التحرير ثمن تعاونهم مع نظام الأسد وايران واشتراكهم بتدريب طلائع المتطوعين الإيرانيين والقوات الإيرانية التي أرسلت الى سوريا.

وبعد ان استعرض لنا الكاتب ملامح من التعاون الطائفي بين الطوائف الشيعية في لبنان وسوريا والعراق ودول الخليج، يذهب الى توضيح الدور الإيراني المؤثر في العالم الإسلامي في باكستان وإعادة الروابط الشيعية بين قيادة المذهب وإيران.

اما عن الدور الشيعي في مصر فيرى الكاتب ان تأثيره يقوم عبر دورهم في التقريب بين المذاهب، وهي طريقة اخترعوها ليتستروا بها لنشر مذهبهم، واختصر ذلك الدور عبر وزارة الأوقاف المصرية التي تطبع وتنشر الكتب الشيعية، وتدريس جامعة الازهر الفقه الشيعي دراسة مقارنة، كما تأخذ وزارة العدل المصرية بآراء فقهاء الشيعة في قوانين الاسرة والاحوال الشخصية ما يعني ممارسة نوع من التأثير الناعم على السياسة المصرية ولو من باب تحييدها عن مواجهة الفكر الشيعي.

اما في اليمن الشمالي فيشير الكاتب الى الاستغلال القديم لشيعة اليمن الزيدية من اجل إقامة ركائز واوكار لهم فيها، وهو ذات الموقف تجاه تركيا وأفغانستان وغيرها وصولا الى تشكيل ايران حلف مشبوه بين كلا من سورية والجزائر وليبيا ومنظمة التحرير الفلسطينية.

وينتقل الكاتب في المباحث الأخيرة من كتابه هذا الى إيضاح الأوضاع الداخلية في ايران بعد الثورة وما رافقها من تهجير للأدمغة، والانقلابات على القوى الثورية المشاركة في الثورة، ثم يذهب الى تأكيد الانهيار الخلقي لرموز الثورة الإيرانية قبل الثورة وبعدها من حيث تشجيع ورعاية تجارة المخدرات وتعاطيها، إضافة الى تشجيع زواج المتعة، وبيان أوضاع الفئات الاجتماعية والمذهبية والعرقية داخل ايران بعد الثورة واحتواء الحركات الحزبية فيها وقمع الثورات الداخلية التي كانت تعارض سياسات المرشد وجميعها تعكس حقيقة الوضع الهش في ايران عقب الثورة لولا اسنادها بقوة امنية وعسكرية قابضة ضمنت نجاحها واستمرارها.

وبهذا العرض أتمنى ان أكون قد وفقت بنقل عرض ملخص لهذا الكتاب الذي عكس لنا طبيعة النظام الحاكم في طهران وسياسته في الخليج والعراق وسوريا ولبنان وهي ذات السياسة التي ما زالت مستمرة حتى اليوم لولا حدوث بعض المتغيرات في المنطقة التي سلخت مجددا عقب هزيمة حزب الله في لبنان وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا التواجد الإيراني في المنطقة الذي نترقب انهائه بشكل كامل بعد التخلص من الجناح الإيراني في اليمن عبر جماعة الحوثيين وهو خيار مصيري لن تقوم للمنطقة قائمه بدون سلخة وتسجيل نصر عربي ثاني في صنعاء كما حدث في دمشق على اذرع ايران الإرهابية

ملاحظة:

كتاب وجاء دور المجوس تأليف: محمد سرور زين العابدين وذلك في أواخر السبعينيات بعد سيطرة الخميني على حكم ايران، وقد كتبه باسم مستعار وفي الكتاب فضح الشيخ محمد سرور الابعاد التاريخية والعقائدية والسياسية للثورة الإيرانية واستهدف من خلاله بيان حقيقة الرافضة الشيعية وتأتي أهمية الكتاب كونه من أوائل الكتب التي كتبت عن الثورة الإيرانية والتحولات الناتجة عنها في السنة الأولى من انطلاقها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى